سمير عطا الله

 يقول البيان الرسمي، إن تنسيقاً يتم من أجل «ضربة محدودة إلى سوريا» بين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا. لهذا البيان قراءتان، الأولى آنية فرضها تمادي روسيا وإيران والنظام السوري في استخدام الغازات السامة. فلم يعد من اللائق أن يدير الغرب ظهره إلى نشرات الأخبار وصور الأطفال وهم، فوق ذروة جميع أنواع البؤس، يغسلون بعصير الاختناق.

القراءة الثانية غير آنية. فمثل هذه الضربة، إذا وقعت يمكن أن تقوم بها الولايات المتحدة، أو أي من الدول المذكورة، منفردة. لكن الغرب يريد أن يبعث برسالة واضحة إلى روسيا بأنه متحد في الموقف منها ومن إيران في تخطي الصراع الحدود المقبولة في استراتيجياته الكبرى.
هذا هو التفسير الوحيد لهذه الخطوة التي لم تقدِم عليها القوى الغربية من قبل. هناك نقاط يعود معها الغربيون إلى الثوابت القائمة منذ المراحل التأسيسية. عندها تقوم كل دولة بدورها المرسوم. ما هذه الأدوار؟ أدق شرح لها كتبه عام 2003 المفكر الكندي والأستاذ في هارفارد مايكل إيجناتييف. النص:
«مطلوب من الأميركيين، حتى عندما لا ينوون ذلك، أن يشركوا الأوروبيين في خدمة مشروعهم الإمبريالي. إن الأميركيين هم الذين يحددون موقع أوروبا في هذا المخطط الكبير الجديد. فإن أميركا دولة متعددة القوة عندما تريد، وقوة منفردة عندما يجب. وهي التي توزع أدوار العمل: القتال لها. الفرنسيون والبريطانيون يقومون بدور الشرطة ودورياتها، وأما الهولنديون والسويسريون والإسكندنافيون فيقومون بتقديم الإسعافات الإنسانية».
كالعادة، يعود الغرب إلى وحدته بسبب عدو خارجي. وغالباً ما تكون روسيا هي هذا العدو، سواء بلونها الشيوعي الأحمر أو بعودتها إلى العلم المثلث الألوان. ويبدو أن إطالة الحرب في سوريا وسقوط جميع أنواع الخطوط، كانت القشة التي قصمت ظهر البعير بين ترمب وبوتين. فقد ظل الرئيس الأميركي يتجنب تسمية الرئيس الروسي في الخلاف إلى أن اتخذت الاستنكارات الدولية لمجازر سوريا أبعاداً لم تعد تحتمل الحسابات الدبلوماسية المعهودة. وليست الدبلوماسية، كما قال عالم بوذي، سوى الخداع. لكن العالم يصل إلى مرحلة لا تعود معها الدبلوماسية صالحة للاستعمال. المزيد من غاز الأعصاب أفقد ترمب أعصابه.