مختار بوروينة
نقل المخرج التلفزيوني، سعيد عولمي، خلال العرض الأول لفيلمه الوثائقي الجديد بعنوان «على آثار المحتشدات» القصة المأساوية لـ 3 ملايين جزائري في المحتشدات التي أنشأها الاستعمار الفرنسي بداية من سنة 1955 عبر ثلاثة محتشدات في منطقة الأوراس بولايتي خنشلة وباتنة، ليتم تعميم العملية على بقية مناطق الوطن إلى غاية الاستقلال 1962.
الفيلم الوثائقي الذي تبلغ مدته 75 دقيقة، بدأ بشهادة صادمة من أحد السكان الذين تم تهجيرهم من قرية «الولجة» بمنطقة الأوراس، وانتهى بشهادة مؤثرة لممرض فرنسي تحدث والدموع تنهمر من عينيه عن الفظائع التي مارسها الاستعمار الفرنسي، وبينهما تسجيل للعديد من الشهادات، منها ما كشف عنه الباحث والمؤرخ الفرنسي ميشال كورناتون، (وهو مؤلف كتاب «المحتشدات أثناء الثورة الجزائرية») بخصوص عدد المحتشدات الذي بلغ إلى غاية سنة 1962 «أكثر من 2300 محتشد جمعت فيها السلطات الفرنسية 3 ملايين جزائري يمثلون 40 بالمائة من عدد السكان آنذاك»، مؤكداً أن هذه الأماكن التي كانت تفتقر إلى أدنى شروط الحياة، ينبغي اليوم إعطاؤها اسم «المعتقلات».
ولم يتردد محامي جبهة التحرير الوطني إبان الثورة التحريرية، الفرنسي جاك فيرجيس، من خلال شهادته في وصف الظروف غير الإنسانية التي كان يتم من خلالها تهجير السكان و«جمعهم كالحيوانات»، بـ «الجريمة ضد الإنسانية».
وحسب أرقام الباحث مصطفى خياطي الذي حضر العرض الأول فإن «500 ألف جزائري، من أصل 3 ملايين، كانوا يموتون سنوياً في المحتشدات».
ويحصي الفيلم الوثائقي أكثر من 400 ألف نسمة من البدو الرحل تم جمعهم في المحتشدات، وقد سجلت التقارير الطبية العسكرية نسبة وفيات جد مرتفعة لدى الأطفال.
ولم تظهر هذه المأساة إلى العلن إلا بعد سنة 1959، حيث قام وزير العدل الفرنسي آنذاك، إدمون ميشلي، بتسريب تقرير أعده، ميشال روكارد، حيث تناقلت مختلف الصحف الفرنسية والعالمية الصورة السوداء لظروف العيش في المحتشدات.
التعليقات