خالد أحمد الطراح
لا يملك أحد الحق في فرض استجواب برلماني على أي نائب بسبب أن المعطيات التي تتوافر عند أي نائب من معلومات ومستندات يفترض أن تكون سليمة حتى تكون كافية للدفع نحو المساءلة البرلمانية كإحدى الأدوات الدستورية.
أما إذا كانت هناك استجوابات تحركها أغراض فردية أو جماعية تصب في مصلحة فئة معينة أو لممارسة دور البطولة أمام بعض الناخبين، فهي ممارسة تشكل انحرافا سياسيا ودستوريا، وتعسفا أيضا، في استغلال الأدوات الدستورية.
النائب الشاب أحمد الفضل اختار بمحض إراداته تحديد مهلة لاستجواب وزيرة الشؤون والعمل، لأمر يتعلّق بجمعية نفع عام، واختار أيضا تعليق الاستجواب لأسباب ومبررات رآها النائب الفضل موضوعية، وهو أمر راجع له شخصيا، في ضوء اجتماع ربما ودي وغير رسمي كشف عنه النائب أحمد الفضل مع بعض النواب والوزراء أيضا في مؤتمره الصحافي في مجلس الأمة في 8 / 6 / 2018.
ولكن هناك مفردات وردت على لسان النائب أحمد الفضل، لا ينبغي استخدامها كـ«الاستبداد» في ذكر جمعية نفع عام محددة أو غيرها، فهناك أسلوب في النقد وعدم الاتفاق مع أعمال بعض الجمعيات بشكل لائق لغويا، طالما أن النائب أحمد الفضل، له معرفة عميقة باللغة العربية ساعدته على التفريق بين كلمة الفساد في اللغة العربية والمعنى الإنكليزي لكلمة CORRUPTION، وهو ما يعني أن النائب الشاب ضليع في بحور اللغتين العربية والإنكليزية، والترجمة أيضا.
كلمة الفساد باللغة العربية لها عدة معان ومرادفات وأضداد أيضا، من بينها «الجريمة والانحراف والكذب والاعوجاج والظلم والحماقة»، وهي لا تنحصر فقط في وجود راش ومرتش كما زعم النائب الفضل في بيانه الصحافي وكذلك تفسيره اللغوي!
الرشوة مثلا هي شكل من أشكال الفساد في الجوانب القانونية والمالية والإدارية حين يتفشى فساد الذمم واستباحة المال العام، مثلما هي في المعني الإنكليزي أيضا، وتنسحب كلمة الفساد الإداري نفسها على من يمارس التضليل، أي الكذب في المعلومات أو استغلال بعض الصلاحيات في التعسف والظلم ضد موظف واحد أو أكثر، سواء من مسؤول أو جهة حكومية تعمل بدعم من المال العام.
وهناك أيضا فساد علمي في موضوعات تتعلّق بالغش والتزوير في الشهادات العلمية والأوراق الرسمية وسرقة الأبحاث والترقيات العلمية، تنظر فيها الجهات القانونية المختصة.
هناك أيضا فساد ثقافي يقف وراءه مسؤولون ومتنفذون يهدفون إلى تدمير الثقافة وطمس حقائق تاريخية وتشويهها وتدمير المنارات الثقافية، كالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
كما أن هناك فسادا طبيا من البعض في عدم الالتزام بأخلاقيات المهنة والتفاني، وعدم المغامرة بالأرواح، علاوة على وجود فساد قانوني حين يتم أحياناً ليّ عنق الحقيقة وتقديم مستندات وأدلة مصطنعة أو الضلوع في تلف وتمزيق وفقدان ملفات قضائية.
أما بالنسبة للتوجه في مخاطبة الجهات الدولية المعنية بمدركات الفساد والشفافية والتدخل في أعمالها، ولا بد من «استنكار» تقاريرها كما ورد في تصريح النائب الفضل الذي أراه توجها غير مدروس، فمن الواجب معرفة أن لدينا لجنة الكويت الوطنية للتنافسية التي يترأسها الأخ الفاضل الدكتور فهد الراشد، وعضوية عدد من الخبراء والمختصين، وهي لجنة منبثقة عن منتدى دافوس العالمي، وقد برهنت سلسلة تقاريرها الأخيرة، من نواح علمية وميدانية، تراجع الكويت في مختلف ميادين العمل، وهو ما يؤكد تقارير مؤشر مدركات الفساد ومنظمة الشفافية الدولية أيضا.
السؤال: هل «الاستنكار» سيطول عمل اللجنة أيضا؟
من الواجب معرفة البعد والمضمون اللغوي والسياسي للاستنكار والاستبداد قبل الإقدام على استخدامهما!
«النجاح ليس عدم فعل الأخطاء، النجاح هو عدم تكرار الأخطاء» (برناردشو)
* * *
عيدكم مبارك وتقبل الله طاعتكم وكل عام والجميع بخير وعافية.
التعليقات