خالد أحمد الطراح 

ما كادت تعود الروح إلى المجلس الاعلى للتخطيط بقيادة الرئيس المفوض الاخ الفاضل الشيخ ناصر صباح الاحمد، النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع شافاه الله، حتى بدأت ملامح زوابع اعلامية تتدفق نحو اجهاض عمل لجنة السياسات العامة المنبثقة عن المجلس الاعلى برئاسة الدكتور فهد الراشد من دون تسميته شخصياً في ما تم نسب النقد الى «مصادر وحكماء» كما جاء في الخبر الذي نشرته احدى الصحف المحلية قبل ايام، وهو اسلوب ليس بغريب على وسط صحافي يتحرك من دون حيادية، فليس هناك اعلام او صحافة محايدة وهي قاعدة متعارف عليها مهنيا وواقعيا.

لجنة السياسات العامة للمجلس الأعلى للتخطيط هي لجنة تضم مجموعة من الخبراء والمختصين، منهم من على دراية عميقة في ما يقدمون من مقترحات وتصورات، وآخرون ربما ليسوا سوى واجهة لتكملة العدد، وهو ليس المأخذ الوحيد على اللجنة أو المجلس الأعلى للتخطيط ككل، وإنما على الامانة العامة للتخطيط ايضاً التي ما زالت تسير نحو نفق تنمية موازية، اي غير مستدامة، والتوسع في الهدر في الانفاق وفقاً لبيانات رسمية كان لي نصيب في مناقشتها مع البعض عبر «عصف ذهني غير غذائي» سبق لي أن تناولت تفاصيله.

الاخ العزيز الدكتور فهد الراشد صاحب بلاغ 2008 ضد فهد الرجعان، المدير العام للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، الذي دخلت قضيته دهاليز سياسية وقانونية بريطانية – كويتية، اصبح اليوم في مرمى نيران اعلامية غير صديقة بذريعة التدخل في القضاء، وهي للأمانة ذريعة لفاقد الحجة او بالأحرى اصحاب ربما مصالح خفية، فمن واقع خبرة مهنية لو ان هناك تدخلا في اعمال السلطة القضائية لما سكت عنها المجلس الاعلى للقضاء منذ ان لاحت في الأفق اي مؤشرات تبرهن على تدخل سياسي مباشر او غير مباشر على هذا التدخل المزعوم!

من دون استعراض ميثاق عمل اللجنة واهدافها، فهي ببساطة تعمل من اجل تطوير السياسات العامة المتعلقة في الدولة، ربما من بينها اجراءات التقاضي ومدده ايضا، وليس التدخل في عمل قضائي يكن له الجميع جل الاحترام والتقدير من قبل كل الجهات المعنية، بمن في ذلك المختصون والاستشاريون.

علاوة على ذلك، فالسلطة القضائية في الكويت ليست مستقلة، وكل ما جرى من نقاش ومساع نحو منحها الاستقلالية ما زال مجرد حزمة مقترحات هي في الاصل محل تباين في وجهات النظر من النواحي القانونية بين وزارة العدل (الحكومة) والمجلس الاعلى للقضاء، وهو أمر مؤسف جدا، فالسلطة القضائية ينبغي ان تأخذ حقها في الاستقلالية الادارية والمالية حتى تصبح مستقلة تماما عن الحكومة، مما يدعم توقيع اتفاقيات تبادل المجرمين والتعاون القضائي ايضا مع كل دول العالم، بما في ذلك بريطانيا التي توصلت مع النيابة العامة الى حل توافقي في توقيع مذكرة تبادل المجرمين بخصوص المتهم الهارب فهد الرجعان، المدير العام السابق للتأمينات الاجتماعية، الذي دخلت قضيته في اروقة سياسية كويتية – بريطانية بعد صدور حكم قضائي بريطاني بات في تسلم المتهم الرجعان!

العتب والتقصير في التوضيح والرد على ما تم نشره تتحملهما جهة وحيدة، وهي الامانة العامة للتخطيط، التي يبدو انها تعمل بشكل انتقائي في الرد على قراراتها وسياساتها وليس ما يتعلق بسياسات المجلس الاعلى للتخطيط وعمله، وتحديدا لجنة سياسات العمل، علما بان الامانة العامة تسلحت بعقود استشارية اعلامية من خارج الكويت، وفق افادة رسمية للامين العام، على نفقة المال العام ربما بشكل غير مباشر وعلى نفقة برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP.

إذا كان هناك بعض الجهات او الافراد المتضررين او المتحفظين على عمل لجنة السياسات العامة، فينبغي عليهم تحديد طبيعة هذه التحفظات حتى لو كانت ضد الدكتور فهد الراشد شخصيا حتى لا يتم الزج بالكيان القضائي الذي لم تمسه نقاشات لجنة السياسات العامة من باب النقد وانما للتطوير، خصوصا ان وزارة العدل، اي الحكومة، هي الجهة المهيمنة اداريا وماليا على السلطة القضائية، وهي من القضايا التي تقتضي التوضيح والتطوير ايضا من قبل لجنة السياسات العامة!