ثريا شاهين

تُبدي الولايات المتحدة اهتماماً بتطورات الوضع اللبناني، لا سيّما بمسار تشكيل الحكومة. وهي، وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على العلاقات اللبنانية - الاميركية، تشجّع على تأليف الحكومة بسرعة وفي اقرب وقت، من اجل ان تقوم بمسؤولياتها في تحسين الظروف الداخلية سياسياً واقتصادياً، وكذلك للمساهمة في الوفاء بالتزامات لبنان في الاصلاحات كما اتفق عليه في مؤتمرات الدعم الدولية للبنان.

وتعوّل الادارة الاميركية على انجاز الاصلاحات الموعودة، خصوصاً وأنه اذا اراد لبنان ان يستمر في عملية الحصول على الدعم الدولي والمساعدات، يفترض ان يقوم بهذه الاصلاحات، وفق خارطة طريق باتت معلومة في هذا المجال. وبالتالي، لا يمكن ان يكمل لبنان، دون الاصلاحات في الاقتصاد، ووضع حد للهدر والفساد الذي يعتري الادارة. فالادارة الاميركية تريد المساعدة، لكن بشكل ان لا تهدر الاموال، انطلاقاً من الدعم الكبير للبنان، والدعم للنهوض بالاقتصاد الوطني. وهي تريد الدعم من دون ان تتدخل بشكل مباشر في عملية التأليف، او في الشؤون الداخلية اللبنانية. لكن التمنيات بحكومة في اسرع وقت ممكن، تتزامن مع الرغبة في رؤية من في داخلها، من الشخصيات المشهود لها بالنظافة والكفاءة، والتخصص في القيام بالاصلاحات.

والاستقرار يهم واشنطن كأولوية في سياستها حيال لبنان. لذلك، هي تدعم الجيش دعماً كاملاً، كونه العنصر الاساسي في حفظ الاستقرار، وفي مكافحة الارهاب. وبالنسبة اليها، الجيش هو الذي يحافظ على الاستقرار ، وقد تمكّن من ذلك، على الرغم من كل الاجواء الملتهبة المحيطة في المنطقة، ويُسجّل ارتياح اميركي، في ان الدعم الذي تقوم به الادارة للجيش، يعطي نتائج هائلة، والادارة تعتبر انه "اكثر الجيوش احترافاً". الولايات المتحدة على شراكة مع الجيش في التدريب والتسليح، مع انها تدرك تماماً ان المساعدة محدودة، لكنه يستعملها في افضل الاشكال. لذا هناك دعم كامل ومطلق للجيش، على الرغم من أن بعض الاصوات في الكونغرس تعبّر عن القلق "من أن بعض الاسلحة قد يذهب للارهابيين"، فعلى عتبة الانتخابات النصفية في الكونغرس تكون هكذا مواقف متوقعة، لان من يطلقها يبحث عن منافعها ومرودها الانتخابي عليه، إلا أن ذلك لن يؤثر في توجهات الادارة في الاستمرار بدعم الجيش. وكانت الادارة قلّصت المساعدات للعديد من الدول وجيوشها. لكن هذا الامر، لم ينطبق على التعامل مع لبنان وجيشه والمساعدات بقيت كما كانت مقررة. حتى الآن لم تعرف القيمة الحقيقية لمساعدة الجيش في اﻟ ٢٠١٨. لكن ما تمت الموافقة عليه بحسب الارقام الاميركية جرى من دون تقليص لا لعدد البرامج ولا لقيمتها المالية. وقد تكون هناك زيادة في المخصصات. ولبنان يُعد البلد الخامس في العالم لناحية حجم حصوله على مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة. ومنذ بداية تنفيذ البرامج للمساعدات العسكرية الاميركية، بلغت قيمة المخصصات ملياراً و ٧٠٠ مليون دولار، حتى الآن. اي منذ عامي ٢٠١١ و٢٠١٢، عندما اتخذت الادارة قراراً حازماً بدعم الجيش. ولبنان في اتصالاته في هذا الشأن يطالب واشنطن دائماً بأن تستثنيه من خفض المساهمات ومن ان تطبق سياستها عليه في هذا الاطار.

والولايات المتحدة لديها سياسة تقليص المساعدة مع "الناتو" ايضاً. وهي تطالب هذا الحلف بضرورة حماية الدول لنفسها ذاتياً، وان الولايات المتحدة غير قادرة على حمايتها، ولا تستطيع تمويل كل شيء. مع الاشارة الى ان المساعدات الاميركية ذات مصادر متنوعة ومن مؤسسات مختلفة.

وتفيد المصادر، بأن الولايات المتحدة تثمن موقف رئيس الجمهورية، عندما تحدث عن بحث الاستراتيجية الدفاعية، وتعتبر ان الامر خطوة ايجابية، وفي النهاية كل الاطراف في الداخل والخارج، تريد ان تتسلم الدولة زمام الدفاع عن حقوق المواطنين وأمنهم وكرامتهم وحدود البلد. والادارة الاميركية تركّز على تقوية مؤسسات الدولة والجيش لأنهما يشكلان العمود الفقري في هذا المجال، وبالتالي تؤيد بحث الاستراتيجية الدفاعية. ومن خلال اللقاءات اللبنانية - الاميركية والمشاورات حول موضوع التمديد ﻟ "اليونيفل"، ابدى لبنان وجهة نظره، بحيث ان الدولة تطالب بثلاثة امور: اولها عدم تقليص موازنة القوة الدولية، وثانيها عدم تقليص العديد، وثالثها عدم تحوير المهمة التي تقوم بها القوة. و"اليونيفل" مهمتها الحفاظ على الاستقرار بين لبنان واسرائيل. وهي تماماً مثل الجيش اللبناني، يجب ان لا يزجها احد في امور داخلية، وان لا يغير احد مهمتها. وهي ليس لديها دور او مهمات في مسائل داخلية لبنانية. وهذه الامور الثلاثة يطالب بها لبنان الادارة، ويدرك لبنان، ان الادارة تعمل على تقليص المساهمات الاميركية لكل المنظمات الدولية وهذا ما ظهر بالنسبة الى "الاونروا" ومنظمة الامم المتحدة للاجئين UNHCR، ويدرك أيضاً أنه لم ولن يتأثر بهذه السياسة.