&فيفيان حداد&

مع تأليف الحكومة الجديدة في لبنان تسلّم وزير الاتصالات السابق جمال الجرّاح وزارة الإعلام فيها. فهذه الوزارة التي لديها تاريخ غني بالإنجازات والإخفاقات لا تعدّ من الوزارات التي لها ثقلها، خصوصاً أن الوزراء الذين تعاقبوا عليها في الفترة الأخيرة أداروا الأزمات فقط، فلم يستطيعوا أن يجروا أي تغييرات عليها.

وحده الوزير ملحم الرياشي الذي تسلّمها لفترة 16 شهراً كانت له تجربة مغايرة في هذا الخصوص. وكان أول المشروعات التي رغب في تحقيقها خلال ولايته هو إلغاؤها بصفتها وزارة إعلام لتتحول إلى «وزارة التواصل والحوار». فبرأيه، أن زمن الإعلام التقليدي ولّى، ويتوجب على لبنان الالتحاق بالحداثة التي طرأت على هذا المجال عالمياً. فيصبح مركز حوارات للشعوب تعقد فيه المؤتمرات بهذا الخصوص؛ لينافس بذلك مؤتمرات الآستانة وسوتشي وجنيف.

ورغم رؤيته الشبابية وديناميكيته في التحرك، فإنجازاته اقتصرت على تأسيس دوائر جديدة فيها وتفعيلها على الأرض. وفي المقابل، هناك عشرات المشروعات التي اقترحها لا تزال حتى الساعة عالقة في مجلس الوزراء.

فهذه الوزارة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى الأربعينات في عهد الرئيس الراحل بشارة الخوري، لا تغري أياً من الكتل السياسية اللبنانية بتسلم حقيبتها. فالبعض يجدها غير قابلة للتطوير، وبأنها بمثابة مشروع من الصعب تطويره في ظل الموازنة المادية المتدنية المخصصة لها. وفي المقابل، وفي ظل عدم المبالاة التي يظهرها آخرون حولها، إلا أنهم لا يقبلون بتطويرها، ولا حتى في الغائها مطبقين المثل اللبناني القائل «لا بدو ياكل العنب ولا يقتل الناطور».

«أي شيء لا تهيمن عليه المصلحة السياسية لا يمكن أن تسير أموره في هذا البلد»، يعلّق وزير الإعلام السابق ملحم رياشي. ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «برأيي أن هذه الدولة تكره الإعلام، ولا تنوي تغيير موقفها؛ وهو الأمر الذي لمسته شخصياً خلال تولي الوزارة».

فلبنان الذي يعاني من أزمات هائلة في جسمه الإعلامي من إقفال صحف ومجلات، وتراجع في إيرادات التلفزيونات، وإنهاء خدمات مئات الموظفين في وسائل إعلام مكتوبة ومسموعة ومرئية، تركت أثرها السلبي عليه. وها هي المؤسسات الإعلامية اليوم تعيش قلقاً يومياً لتأمين إيرادات مادية تخوّلها المضي في عملها. وفي المقابل، تقف وزارة الإعلام مكتوفة اليدين تنتظر الفرج وفكّ أسرها لتلتحق بقطار الحداثة والنمو اللذين طالا وزارات غيرها. فهي تضم نخباً إعلامية لا يستهان بها كما يقول الرياشي. «إنهم يضطرون إلى مزاولة أعمال لا صلة لها باختصاصاتهم ودراساتهم العليا من أجل تسيير بعض المعاملات فيها».

ويضيف وزير الإعلام السابق: «لقد تقدمت بمشروعات كثيرة من شأنها أن تساهم في وضع حلول لهذه الأزمات، إلا أنها بقيت في الأدراج». يؤكد الوزير رياشي، الذي طالب في أحد مشروعاته العالقة بتعديل أحكام قوانين تساهم في دعم المطبوعات من خلال إعفائها مثلاً من الرسوم على إشغال الأملاك العمومية، وكذلك من ضريبة الرسوم والعلاوات البلدية والضريبية على القيمة المضافة.

وتتألف وزارة الإعلام في لبنان من 4 أقسام أساسية، وهي تلفزيون لبنان الذي يعدّ من أوائل وسائل الإعلام المرئية في العالم العربي، وإذاعة لبنان الرسمية التي لعبت دوراً مهماً في مسار الفن على الساحة العربية والوكالة الوطنية للإعلام التي تعد مرفقاً إعلامياً حيوياً ومرجعاً تستعين به غالبية الوسائل الأخرى. كما تندرج على لائحتها أيضاً مديرية الدراسات التي تهتم بإعداد الدراسات والأبحاث التي تتعلّق بمجال الإعلام. أما المجلس الوطني للإعلام، فهو رغم وجوده في مبنى الوزارة، فإنه لا ينتمي إلى عائلتها وهو مستقل عنها.

وتبوأ وزارة الإعلام منذ تأسيسها رجالات سياسة وإعلام كثر. ومن بينهم من تسلّمها عندما كانت لا تزال تعمل تحت اسم وزارة الأنباء كرياض الصلح، وجبران نحاس، وخليل أبو جودة، وإدوار نون، وعبد الله اليافي، وصائب سلام، وغيرهم. كما تولّى هذه الوزارة آخرون عندما تحوّلت إلى وزارة الإرشاد والأنباء، أمثال جورج نقاش، وفيليب بولس، وموريس زوين، وغيرهم. أما أشهر الذين توالوا عليها تحت اسمها الجديد «وزارة الإعلام» بعيد صدور مرسوم خاص بذلك في سبتمبر (أيلول) من عام 1971، فيتقدمهم الراحلون ألبير مخيبر، وغسان تويني، وخاتشيك بابكيان، ورشيد كرامي، وأمين الحافظ، وأيضاً ميشال إده، وسليم الحص، وغيرهم.

ويبقى السؤال المطروح «متى ستستطيع وزارة الإعلام في لبنان أن تتفاعل مع الجسم الإعلامي ككلّ وتصبح سنداً قوياً له في ظل الانحدار الذي يعيشه؟ ومتى سيفتح المجال أمام هذه الوزارة بأن تستفيد من مكونات أرشيف تلفزيونها وإذاعتها الضخمين فتزوّد نفسها بنفسها بميزانية مالية لا يستهان بها؟ وهل الوزير الجديد الذي تسلّمها سيسير على خطى سابقه ويتابع القوانين المقدمة من رياشي ويحاول تحقيقها؟ أم أنه سيغادرها كما أتى دون إحراز أي تقدّم فيها؟».

والمعروف أن للوزير الجديد جمال الجرّاح تجربة سابقة له في وزارة الاتصالات، التي تسلّمها من عام 2016 حتى عام 2018، وهو حائز إجازة في إدارة الأعمال من الجامعة اللبنانية - الأميركية. بدأ العمل في إحدى شركات الأدوات الكهربائية في الأردن، ولاحقاً أصبح موظفاً في بنك البحر المتوسط، وتدرّج إلى أن أصبح مديراً لفرع جب جنين، ثم مديراً إقليمياً لمنطقة البقاع. انتخب نائباً عن دائرة البقاع الغربي في دورتي عامين 2005 و2009.



الصحافة الفرنسية تحارب الأخبار الكاذبة من بيروت

> أعلنت وكالة الصحافة الفرنسية، أواخر الأسبوع الماضي، توسيع نشاطها لتقصي الحقائق إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عبر فريق سيكون مقره في بيروت وسينتج موضوعات تدقّق بالأخبار باللغة العربية، في سياق عقد جديد مع «فيسبوك».

وأوضحت الصحافة الفرنسية في بيان، أن فريق تقصي الحقائق «سيعمل مع صحافيي الصحافة الفرنسية في المنطقة للتحقّق من الأخبار المشكوك في صحتها، التي تُنشر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويقدّم عند الحاجة الخلفيات الإضافية الضرورية»، على غرار ما يقوم به صحافيو الوكالة الآخرون المتخصصون في مكافحة التضليل الإعلامي والأخبار الكاذبة في 16 دولة، وبأربع لغات هي الفرنسية، والإنجليزية، والإسبانية، والبرتغالية.

وبذلك؛ ينضم فريق تقصي الحقائق في بيروت إلى مساهمة الصحافة الفرنسية في برنامج «فيسبوك» العالمي لتقصي الحقائق، وستنشر موضوعاته في مدونة بالعربية على موقع «AFP Factuel» الذي أُنشئ عام 2017، والمتخصص في تقصي الحقائق حول الأخبار الكاذبة التي تنتشر على الإنترنت.

وتشمل المحتويات التي سيتم تقصيها بالعربية مقالات وصوراً ومقاطع فيديو يتم تقاسمها على «فيسبوك».

وتسعى «فيسبوك» من خلال برنامج «تقصي الحقائق» إلى مكافحة انتشار المعلومات المضللة أو «الأخبار الكاذبة»، من خلال تعاون مع وسائل إعلام عدة تعمل على التثبت من صحة المحتويات المتداولة على شبكة التواصل الاجتماعي والتي يشتبه بأنها غير صحيحة.

وهذا العقد الجديد مع «فيسبوك» يعكس من جانب الصحافة الفرنسية تصميماً على أن تصبح مرجعاً عالمياً على صعيد مكافحة التضليل الإعلامي. والصحافة الفرنسية هي وسيلة الإعلام الأوسع مشاركة في برنامج «فيسبوك»، وتشمل نشاطاتها في سياقه أكبر عدد من البلدان، كما أنها أول وسيلة إعلام تقوم بهذا العمل في العالم العربي.

وقال مدير الأخبار في الصحافة الفرنسية فيل شتويند: «نريد إحلال ثقافة تقصي الحقائق»، مشيراً إلى أن هذا النوع من المبادرات يندرج في سياق الحلول الممكنة لأزمة الثقة التي تمر بها وسائل الإعلام التقليدية.

وأوضح: «إنه رد على الواقع الذي تواجهه وسائل الإعلام»، مشيراً إلى أن «قسماً هائلاً من المشتركين تخلوا عن وسائل الإعلام التقليدية وباتوا يستقون المعلومات من المجموعات على (فيسبوك)، مثلما رأينا مع (أزمة) السترات الصفراء. إننا ملزمون بخوض هذا المجال».

وتشارك الصحافة الفرنسية حالياً في برنامج «فيسبوك» في كل من جنوب أفريقيا، والأرجنتين، والبرازيل، وكندا، والكاميرون، وكولومبيا، وإسبانيا، وفرنسا، والهند، وإندونيسيا، وكينيا، والمكسيك، ونيجيريا، وباكستان، والفيليبين، والسنغال. وتضم فرق الوكالة لتقصي الحقائق نحو ثلاثين صحافياً في العالم ينشرون حالياً نحو مائتي موضوع في الشهر.

&