&أسامة سرايا&

أتساءل مع نفسي، هل يمكن السكوت، أو التأنى مع السياسات العدوانية للرئيس التركى أردوغان، فى حق مصر.. أو فى حق العرب عموما بعد الآن؟

لقد تجاوزت التدخلات فى شئوننا الداخلية من مرحلة الإيذاء إلى مراحل متقدمة من العدوان الفعلي.. فهل يجدى الشجب فقط، أو حتى تعرية هذه الجرائم المتتابعة، وطرحها أمام الرأى العام المصرى والعربي، حتى يكشف هذا العدوان مراميه وأهدافه القصيرة وطويلة المدي؟ وهل نتوقف أمام القائمة العدوانية أو الإجرامية، وهى طويلة؟ ليس أخطرها.. ولا أقلل من شأنها.. محطات التلفزة التى تبث ليلا ونهارا، والتى تحولت من الدعاية السياسية السوداء للجماعات الإرهابية، وخاصة جماعة الإخوان الإرهابية، إلى التحريض على قتل الجنود، والمدنيين فى مصر، بل والحض على الكراهية، وأصبحت شريكا مع كل جريمة قتل، أو إرهاب تحدث فى بر مصر، حتى وصلت أن أصبحت بوقا متجاوزا كل الحدود، واضعا نصب أعينه تهديد الوضع المصرى الداخلي، وإشاعة الفوضى الداخلية، وتشجيع المتطرفين للنيل من الاستقرار الذى تحقق للوطن.. ومع ثقتنا أن الداخل المصرى متماسك وقوى وقادر على صد هذه الهجمة العدوانية، لكننا لا يمكن أن ننسى أو نتناسى من وراءها؟ ومن هم المحرضون والممولون، وما الأرض التى تبث منها؟ فهى رسالة عدائية، وتخريبية وعلنية فاضحة، قد تدفع بعضنا، أو تحثنا على الرد بالمثل على هذه الجرائم التى تتسم بالصبيانية والحماقة معا..

لا نستطيع أن نقاوم، ونحن نقارن بينها وبين الدبابات التركية، وهى تغزو شمال سوريا فى عفرين، وفوقها بعض السوريين، يحملون العلم التركي، أو وهى تمتد لزرع الفتنة بين العرب والأكراد الذين يعيشون معا فى سوريا والعراق.. أو نرى تركيا، وهى تزرع الفتنة فى الخليج العربي، بتدخلها فى الأزمة الخليجية بين السعودية والإمارات والبحرين .. وقطر، بديلا عن المصالحة، إلى تسليح طرف، وتشجيعه على الاستمرار فى عدوانه، ورعايته للإرهاب والتطرف فى المنطقة العربية.. هل نستطيع أن ننسى أردوغان وهو يتبنى قتلة النائب العام المصرى الراحل هشام بركات؟ إنه يهاجم القضاء المصرى الذى حكم بالإعدام على القتلة، والذين لم يسلبوا النائب العام حياته فقط، بل هددوا السلطة القضائية المصرية بالتخويف والإرهاب والقتل، حتى لا تجابه الإرهاب والتطرف، أو تتردد فى الحسم ، لحماية الوطن واستقراره ككل، وأردوغان يقع فى تناقض كبير، فهو يهاجم عقوبة الإعدام لدينا، ويستعيدها فى تركيا لحماية حكمه. ونحن نرى فى احتضان تركيا، كل عناصر الجماعات الإرهابية، أو المعروفة بالإسلام السياسي، والمتعاونين عموما فى سوريا والعراق واليمن وليبيا، سواء فى الخليج أو الشام، أو حتى فى المغرب العربي، جريمة يجب أن يعاقب عليها أردوغان وحزبه.. ونرى أن تجاهل عقابه، وكشفه أمام الرأى العام العالمى والإقليمي، يؤدى إلى التمادى فى العدوان، ويتصور أن جريمته ليس عليها رد، أو إنها مقبولة لدى البعض..

ولنبدأ بعمل جماعى من جامعة الدول العربية، ثم بعمل فردي، للرد العلنى والقوى على هذه السياسة العدوانية، والجرائم المتتابعة، ووضع المصالح التركية موضع تهديد، حتى يعرف أردوغان أن جريمته لن تمر دون عقاب أو ردع. فعندما واجهت إسرائيل، وروسيا، أردوغان، وكشفته، بذل جهدا للاعتذار، بل ولتصحيح أخطائه معهم، ورأيناه وهو يجرى وراء التغيير والمهادنة، ونراه الآن ينسق إيرانيا، وإسرائيليا وروسيا للتهديد، أو اقتسام المصالح معهم على حساب الأراضى العربية، سواء فى سوريا والعراق، أو حتى فى المعاملات التجارية والعسكرية، والاقتصادية.. ولقد أعاد أردوغان إلى الوجود الدولة التركية التى تميزت عبر تاريخها بأن لها عداوات، ومشكلات تاريخية مع كل جيرانها من العرب، واليونانيين، والأكراد، والأرمن، وأنها لم تسع يوما إلى إقامة علاقات حسن جوار، أو تتعامل بالندية مع جيرانها، بل بالعدوان والفوضي.. وقد تصورنا أن الإصلاحات التركية الداخلية، سيكون لها تأثيرها على سياستها الخارجية، بعد فترة من كمون، بلغت أكثر من نصف قرن، ثم حاولت تصفير المشكلات مع جيرانها.. ثم سرعان ما عادت، تحت ظل أردوغان وحزبه، لتكون هى بؤرة أو نقطة اشتعال المشكلات الإقليمية، وتأجيج الصراعات، والفتنة الطائفية.. بل وتتعاون مع إيران وإسرائيل على إضعاف العرب، وابتزازهم.. جعل أردوغان تركيا سجنا كبيرا للأتراك، بل لمستقبل تركيا كله الذى أصبح محفوفا بمخاطر سياساته العدوانية المأفونة، وأصبحت تركيا نموذجا سيئا لكل العرب، بل لكل المسلمين، سواء فى الاقتصاد أو السياسة..

كل ما نبحث عنه من تركيا أردوغان أن تتفرغ لمواجهة الأزمات الداخلية، وأن تترك العرب فى شئونهم الداخلية، يحلون مشكلاتهم بلا تدخل تركى مقيت ومعيب ومجرم، وألا يجب أن يرفع العرب جميعا شعار الرد بالمثل على هذا السياسى أو الحاكم الأخرق الذى تجاوز كل الحدود فى التعامل، سواء فى الداخل التركى مع شعبه أو مع جيرانه، وفتح الدولة التركية لكى تكون مركزا للإرهابيين والمتطرفين، وكل العصابات الراغبة فى تهديد الدول العربية.. وقد أصبحت إستراتيجيته اللعينة فى استقطاب التيارات المتأسلمة هى استخدامها كأداة للحكم فى الدول العربية، لتكون يدا خبيثة للمحتل التركي، سواء فى مصر أو سوريا أو ليبيا أو اليمن أو قطر.. كل هذه الأدوات كشفت، وأصبحت واضحة أمام الشعوب، ولكنه يتمادى لعدم وجود عقوبات، أو رد بالمثل، سواء أكان دوليا أو إقليميا أو عربيا..

يجب معاملة أردوغان وتركيا كأعداء، وكشفهم وتعريتهم إلى أن تقلع عن هذه السياسة العدوانية اللعينة، وتعود إلى ما كانت عليه بعد الحرب العالمية الثانية، أو استرجاع سياسة تصفير المشكلات مع جيرانها.. الحالة التركية حالة عدائية، وتقترب من حالات الحرب المباشرة، وتهدد المصالح الشاملة بين العرب والأتراك.. فليحذر أردوغان من هذه الحالة الجديدة التى سوف تصيبه هو وجماعته المتأسلمة فى مقتل، وتؤدى إلى حالة اللاعودة.. والرد الشامل..