& محمد المعزوز&&

&

يدفع التصريح الأخير لعز الدين مهيوبي الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، إلى التساؤل، وهو يعلق على مطالب الحراك بأن صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة هي وحدها من تقرر مصير حزبه، في رده على زعماء الحراك الذين اعتبروا حزبه جزءاً من الماضي.

وإذا كانت أحزاب التحالف الرئاسي السابق المكون من جبهة التحرير الوطني وحزب تجمع الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية، توجد في وضع حرج، فإن حزبي جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي يتعنتان في البقاء باعتماد أسلوبين، الأول: تواصلي يقوم على تبرير مواقفهما السياسية في العهد السابق، أمام الطلب الملح للحراك بحل هذه الأحزاب جميعها، والثاني: دعمهم المرتجل لكل لخطابات ومواقف الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح ورئيس أركان الجيش الوطني أحمد القايد صالح.

لقد فضل زعماء هذه الأحزاب التواري إلى الخلف، باستثناء الحزبين المذكورين، خوفاً من المحاسبة التي ما فتئ الحراك يرفعها بقوة، نظراً لكون هذه الأحزاب كانت شريكاً سياسياً للنظام وأدواته للتجديد المتكرر لعهدات بوتفليقة، لذلك، يوجد رؤساء هذه الأحزاب في السجن، وهم جمال ولد عباس وأحمد أويحيى وعمارة بن يونس وعمار غول، بتهمة الفساد.

لقد بادر حزب جبهة التحرير الوطني بانتخاب محمد جميعي أميناً عاماً، كما بادر حزب التجمع الوطني الديمقراطي بانتخاب عزالدين مهيوبي، في أفق ضخ دماء جديدة في الحزبين وعقد مصالحة تاريخية مع المجتمع الجزائري، ومع ذلك ظل هذان الحزبان مرفوضين من طرف نشطاء الحراك باعتبارهما يرمزان إلى فساد النظام السياسي السابق، وهذا ما عبر عنه كريم يونس وهو من أبرز النشطاء، حين أكد على أن الحوار السياسي لا يشمل أحزاب النظام المقال، لهذا فمن الصعب جداً أن يكون هذان الحزبان من ضمن التشكيلة السياسية الحاكمة في المستقبل لأنهما مرفوضان من طرف المجتمع والنخب.

لم يدرك هذان الحزبان أن اعتقال رئيسيهما يؤشر على مرحلة جديدة تنشد التغيير وربط المسؤولية بالمحاسبة، ورغم اجتهادهما في التغيير الشامل لصورتهما بحثا عن سبيل للاستمرار في الحياة السياسية الجزائرية، قد نسيا أن ذاكرة الشعوب قوية وقادرة على تسريع الفرز الطبيعي بين قوى الفساد وقوى الإصلاح عبر استذكار الماضي بكل تفاصيله واللجوء المباغت إلى الثورات والانقلاب الصاعق ضد رموز الفساد، وهذا ما يقوم به الشعب الجزائري اليوم وهو يتذكر سرديات تبديد ثروات بلاده.

لم يفهم هذان الحزبان أنهما كانا جزءاً محورياً في تراكم أزمات الشعب الجزائري، الذي ما فتئ يحمل جراحاته التاريخية وهو يعيش زمناً من الإحباط وسياسة التفقير والتهميش، إذ كيف ينسى الشارع الجزائري خرجات محمد جميعي قبل أن يصبح رئيساً للحزب، وهو يعلق على بدايات الحراك الرافض للعهدة الخامسة بقوله: «لم يولد بعد الذي يحل اليوم محل الرئيس بوتفليقة»؟