& محمد آل سلطان

المتنبي أمضى حياته في القرن الرابع الهجري متنقلاً، وهو يبحث عن أرض عربية خالصة يحكمها العرب بأنفسهم بعد أن رأى تغول العجم على الأرض العربية في العراق والشام ومصر وعبثهم بمصائر وحياة العرب حتى أصبح الشعب العربي آنذاك خانعاً للعجم تركاً وفرساً حتى وإن كان محكوماً باسم دولة العرب العباسية أو الفاطمية أو غيرها..

المتنبي وصف بالتشيع ووجد نفسه العربية رغم ترحاله الطويل في إمارة سيف الدولة الحمداني التي كانت إمارة شيعية عربية خالصة، ولم يجد نفسه هناك لتوافق مذهبي، خصوصاً أن هناك الدولة الفاطمية ذات الهوى الفارسي التي تحكم باسم الشيعة وهي الأكبر والأغنى من الإمارة الحمدانية، بل لأنه رأى في سيف الدولة الحمداني البطل العربي الذي ينحاز لقضايا العرب ومصيرهم ومجدهم ويقاوم كل المشاريع الرومية والفارسية والتركية في المنطقة الممتدة من الموصل إلى حلب..

يقول شاعر العربية الخالد أبوالطيب المتنبي منتقدا الوضع السياسي في عصره وكأنه يعيش بيننا اليوم:

وَإِنَّما الناسُ بِالمُلوكِ وَما

تُفلحُ عُرْبٌ ملوكُها عَجَمُ

لا أَدَبٌ عِندهُم وَلا حَسَبٌ

وَلا عُهودٌ لَهُم وَلا ذِمَمُ

بِكُلّ أرضٍ وَطئتُها أُمَمٌ

تُرعى بِعَبدٍ كَأَنَّها غَنَمُ

وما أشبه الليلة بالبارحة، فالمتنبي يمثل الشعب العربي الثائر الآن في العراق والشام ضد التغول الإيراني والتركي للعبث في مصيرهم وحياتهم وإفقارهم وسرقة ثرواتهم وإخضاعهم ومعاملتهم كمواطنين درجة رابعة على أرضهم وأرض أجدادهم متستراً بالطائفية والمذهبية وحالة الاستقطاب السني والشيعي..

رسالة المتنبي شاعر العربية العظيم لأهلنا في العراق وسوريا ولبنان واليمن باختصار كونوا ما تشاؤون شيعة أم سنة، ولكن تذكروا قبل كل شيء ألا تسلموا مصيركم وقراركم لعجم يحكمونكم من وراء حجاب باسم الطائفية وينسونكم أنكم كنتم وما زلتم وستبقون عرباً على أرض عربية.