&فاتح عبدالسلام

الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬أوصلت‭ ‬العراقيين‭ ‬الى‭ ‬مرحلة‭ ‬الرفض‭ ‬النهائي‭ ‬لها،‭ ‬وكانت‭ ‬أمامها‭ ‬فرص‭ ‬كثيرة‭ ‬،‭ ‬لاتتوافر‭&&‬اليوم‭ ‬مهما‭ ‬تلونت‭ ‬بتصريحاتها‭ ‬وتزويقاتها‭ ‬اللفظية‭ ‬على‭ ‬اية‭ ‬معالجة‭ ‬عملية‭ ‬للازمة‭ ‬المتفجرة‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ .‬

‭ ‬الطبقة‭ ‬ذاتها‭ ‬كانت‭ ‬تعي‭ ‬انّها‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬واد‭ ‬والشعب‭ ‬في‭ ‬واد‭ ‬آخر،‭ ‬لكن‭ ‬أوراق‭ ‬الألعاب‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬في‭ ‬حيازتها‭ ‬طويلاً،‭ ‬ذات‭ ‬الشعارات‭ ‬المتلونة‭ ‬والمغرية‭ ‬،كانت‭ ‬ذات‭ ‬فعل‭ ‬تخريبي‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬بينة‭ ‬المجتمع‭ ‬العراقي‭ ‬لاسيما‭ ‬تحت‭ ‬ظروف‭ ‬مقاتلة‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يسوّق‭ ‬طائفياً‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬لإرهاب‭ ‬الشارع‭ ‬وجعله‭ ‬منساقاً‭ ‬كالقطيع‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬التأييد‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراض‭ ‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬الحالات‭. ‬ونظراً‭ ‬لأنّ‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬مجرد‭ ‬بقالات‭ ‬محتكرة‭ ‬من‭ ‬تاجرين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثة‭ ‬كبار‭ ‬،‭ ‬فإنّ‭ ‬أحداً‭ ‬من‭ ‬المشتغلين‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البقالات‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬قراءة‭ ‬استشرافية‭ ‬للجمهور،‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬سيتصرف‭ ‬إذا‭ ‬بلغت‭ ‬الهوّة‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬والحكّام‭ ‬(البقالات)‭ ‬مبلغاً‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ردمه،‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭ .‬

البقالات‭ ‬السياسية‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬تريد‭ ‬انتاج‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديد،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عمّا‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنهم‭ ‬أدركوا‭ ‬انّ‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬تلبية‭ ‬مطالب‭ ‬الشارع‭ ‬المنتفض،‭ ‬وانّ‭ ‬سحق‭ ‬المطالب‭ ‬بيد‭ ‬والاشتغال‭ ‬عن‭ ‬تدوير‭ ‬نموذج‭ ‬غير‭ ‬مستهلك‭ ‬باليد‭ ‬الاخرى،‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الوحيد‭ ‬المتاح‭ ‬بيد‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭.‬

إنهم‭ ‬فشلوا‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬مطلب‭ ‬العراقيين‭ ‬في‭ ‬ظهور‭ ‬مرشح‭ ‬مستقل‭ ‬،‭ ‬فوجدناهم‭ ‬يتسابقون‭ ‬نحو‭ ‬الاستقالات‭ ‬من‭ ‬أحزابهم‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬البلاد‭ ‬ورمته‭ ‬الى‭ ‬هذه‭ ‬التهلكة،‭ ‬متوهمين‭ ‬انّ‭ ‬المستقيل‭ ‬هو‭ ‬المستقل،‭ ‬وأنّ‭ ‬المياه‭ ‬الآسنة‭ ‬والمتعفّنة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬اعادة‭ ‬معالجتها‭ ‬لتصبح‭ ‬صالحة‭ ‬للشرب‭ .‬

الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬لاتسقط‭ ‬لأنّ‭ ‬الشارع‭ ‬ساخط‭ ‬عليها‭ ‬ويطالبها‭ ‬بحقوق‭ ‬دماء‭ ‬الشهداء‭. ‬وهي‭ ‬لم‭ ‬تخسر‭ ‬شيئاً‭ ‬اذا‭ ‬قتل‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬ألف‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬وسبق‭ ‬أن‭ ‬تغافلت‭ ‬عن‭ ‬خسارة‭ ‬العراق‭ ‬لوجوده‭ ‬الحضاري‭ ‬المشرق‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬التاريخ‭ . ‬وستبقى‭ ‬تلك‭ ‬الطبقة‭ ‬تحكم‭ ‬أمام‭ ‬الستارة‭ ‬وخلفها،‭ ‬وهنا‭ ‬قد‭ ‬تغتر‭ ‬الطبقة‭ ‬الفاسدة‭ ‬في‭ ‬انها‭ ‬لم‭ ‬تخسر‭ ‬مقاليد‭ ‬السلطة‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الواقع‭ .‬

لكن‭ ‬الذي‭ ‬خسروه‭ ‬ولن‭ ‬يرجع‭ ‬أبداً،‭ ‬هو‭ ‬ثقة‭ ‬الناس‭ ‬وامكانية‭ ‬خداعهم‭ ‬ثانيةً،‭ ‬كما‭ ‬خسروا‭ ‬كل‭ ‬برامج‭ ‬التثقيف‭ ‬الطائفي‭ ‬التي‭ ‬رفضها‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬مطلقاً‭ ‬وانطلق‭ ‬نحو‭ ‬تشكيل‭ ‬صورة‭ ‬جديدة‭ ‬للعراق‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬البناء‭ ‬في‭ ‬بدايته‭.‬