فاتح عبدالسلام
التضحيات الكبيرة للمتظاهرين في بغداد وجنوب البلاد وزخم الاحتجاجات القوي، لم تمنع أن يكون هناك مَن يتربص الفرص للفوز بغنائم في تسويات المناصب حتى لو على حساب المتظاهرين وربما باسمهم أيضاً ، لكن الشارع العراقي بات يقظاً على نحو مثير للدهشة . وأصبح السياسي في موقف لايحسد عليه ومضطرا لجدولة أولوياته بحسب قراءات الشارع المنتفض .
في خلال ذلك ظهرت خارطة طريق ذات البنود العشر ثم انثلمت الخارطة في بيانات مختلفة في الشارع مع طول أيام الحراك لتصبح ثمانية وربما سبعة وأقل . وسبب ذلك انّ المتظاهرين لم يفرزوا خطة عمل لمرحلة جديدة من تصعيدهم ،ولم يضعوا ذلك واضحاً في الاجابة على تساؤل، فيما لو استمرت التظاهرات سنة أخرى، ماذا ستكون الخطوة التالية؟
هناك انقسام واضح بين مَن يريد نسف كل بناء قام بعد العام 2003 ومَن يريد اصلاح البناءات القائمة وتنقيتها من الفساد تحت سقف الدستور ،من خلال التمسك بشرعية رئيس الجمهورية بوصفه المنقذ والمدخل لفتح باب التغيير .
امتزج الغضب بالعقلانية مرات عدّة في مسار الاحتجاج الشعبي السلمي المشروع بسبب الدماء الطاهرة التي سفكها الرصاص الغاشم ،والذي يصرون على وصفه بالمجهول والمندس .
المسار الذي تتجه إليه الأحداث المعلنة هو تشكيل حكومة مستقلين تتبنى الانتخابات المبكرة . وهذا الخيار المهم سلاح ذو حدين ، ذلك انّ الانتخابات المبكرة تحتاج الى ضمانات و اشتراطات لا تبدو متوافرة أو متاحة أو حاضرة في الأذهان الآن ، لتكون وسيلة للتغيير وليست اعادة التدوير، لاسيما انّ الأحزاب والقوى الفاسدة استعدت منذ زمن لهذا الاحتمال وباشرت بتهيئة بدائل من الصفوف الثانوية لكوادرها لتصدر المشهد الانتخابي الجديد في ظل استمرار وجود جميع عناصر القوة والتنظيم في الإمكانات والحركة بين قوى معينة ، وهو الأمر الذي قد يفرغ الانتخابات المبكرة من محتواها.
المسألة تحتاج إلى التروي والتأني لكي لا ننزلق إلى متاهة جديدة .
التعليقات