جمال الكشكي

في حوار للدكتور سلطان الجابر وزير دولة، رئيس المجلس الوطني للإعلام، مع صحيفة «البيان» الإماراتية قبل أيام قليلة، استوقفني كثيراً كلامه حول مستقبل الإعلام في زمن صار فيه العالم أشبه «بالقرية الكونية» بات فيها كل الأخبار عابرة، والسباق بلا حدود.

تلامس حوار الدكتور سلطان الجابر مع الواقع والتحديات التي يمر بها الإعلام الإقليمي والعالمي، إذ تحدث عن الحرية والمسؤولية، وعن استراتيجية دولة الإمارات العربية في تشكيل وعي المواطن، والركائز الأساسية التي وضعتها القيادة الرشيدة للاستثمار في المستقبل، والاستعداد له، وتطوير آليات التعامل مع التحديات وتحويلها إلى فرص.

طاف الحوار مع الدكتور سلطان الجابر حول الإعلام باعتباره قاطرة التنمية في العقول وتشكيل الوعي، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، ومواجهة الأفكار الظلامية السوداء، وبدا واضحاً أن رئيس المجلس الوطني للإعلام لديه آمال عريضة في تنفيذ رؤية القيادة الرشيدة بدولة الإمارات العربية المتحدة لمواكبة الطموح وتعزيز سمعة الدولة.

يتزامن مع هذه الآمال العريضة خطوات على أرض الواقع منها اختيار دبي عاصمة للإعلام العربي 2020، الأمر الذي يؤكد ويرسخ مكانة الإعلام الإماراتي، ودوره على المستوى الإقليمي، هذا النجاح يلقي مزيداً من المسؤولية على كاهل العاملين والمسؤولين عن الإعلام، وهذا ما أكده الدكتور سلطان الجابر رداً على سؤال يتعلق بمدى نجاح الإعلام الإماراتي في نقل رسالة الدولة إلى الخارج إذ قال: «كان للإعلام الوطني دور كبير في تعزيز سمعة الإمارات وترسيخها، وتوضيح مواقفنا تجاه الملفات المختلفة سواء عبر جهود المؤسسات الإعلامية الوطنية أو عن طريق الإعلاميين أنفسهم» ثم واصل مؤكداً: «وهذا لا يعني أنه بمقدورنا أن نستريح فما زالت هناك مساحة كبيرة أمام إعلامنا للتحسين والتطوير».

اللافت أيضاً في هذا الحوار أنه تناول القضايا الآنية التي تدور في عقل أهل هذه الصناعة والمهمومين بمستقبل مهنتهم، وجاء الكلام حولها واضحاً وكاشفاً لحقيقة المستقبل الذي لن يذهب إليه سوى الجاهزين بأدواته.

من يقرأ ما بين سطور الحوار يستوقفه إيمان عميق من قبل مؤسسات دولة الإمارات بهذا السلاح القوي، سلاح الإعلام وتأثيره، إذ يعتبره الدكتور الجابر، مرآة المجتمع، وأدواته الرئيسية التي تعكس مدى تقدم الدول، وتحصين مجتمعاتها ضد الأفكار الهدامة.

التنقل بين الحوار من سؤال إلى إجابة يقودنا إلى دوائر متجددة من الخطط الممنهجة التي تؤكد أن هناك رؤية للنهوض بالإعلام من المحلي إلى الدولي، ليس فقط على مستوى تحديث الوسائط التكنولوجية، بل وصولاً إلى تطوير وإنتاج المحتوى التنافسي، والاهتمام بالكادر البشري، واستقطاب الكفاءات، وصقل المهارات، ووضع خطط تدريب مدروسة، واصطياد أصحاب الأفكار المبدعة، والخلاقة، وذلك انطلاقاً من نظرية «النجاح مهم، لكن الأهم هو كيفية استمرار النجاح».

واصلت تجولي بين سطور الحوار أبحث عن سؤال حول مستقبل الصحف الورقية. تلك القضية المطروحة عالمياً. بالقطع لم يفت «البيان» أن تضع هذا الملف أمام رئيس المجلس الوطني للإعلام، والذي جاءت إجابته واقعية إذ قال: «الصحافة بشكل عام، مرت بمراحل عديدة من التطوير، وكل تطور نُظر إليه، في حينه على أنه خطر يهدد الإعلام الموجود، فمنذ ظهور الصحف، ومن ثم الإذاعة والتليفزيون والصحافة الإلكترونية، والتحديات والفرص موجودة في كافة المراحل، ودائماً ما كانت استمرارية الصحافة الورقية محل تساؤل، إلا أن الصحف التي نجحت في مواكبة التطورات، والاستفادة من التكنولوجيا، هي التي تمكنت من الاستمرار والبقاء.

اليوم، لم تعد الصحف المصدر الوحيد للأخبار، ومن يتجاهل ذلك لن يستمر، ففي ظل وسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الهواتف الذكية، أصبحت سرعة الانتشار بلا حدود، لذلك على الصحف تقديم محتوى مختلف، يركز على البعد التحليلي، والمتابعات الإخبارية، والقصص الحصرية، بحيث تقدم شيئاً مفيداً ومختلفاً عما تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية».

إذاً تستطيع القول إن الرسائل التي تضمنها حوار الدكتور سلطان الجابر، إنما هي جرس إنذار لمن يريد أن يواصل، ويواكب صحافة وإعلام المستقبل.