ما فتئت أحلام المهتمين بالفنون البصرية بالتحليق عاليا في سماء المرحلة الجديدة التي تشكلت مع إعلان وزارة الثقافة عن إنشاء هيئة للفنون البصرية من بين 11 هيئة مختصة في عدة قطاعات في فبراير الماضي، ومنذ ذاك وهي تستبشر خيرا بمثل هذه الخطوات الجريئة والمنظمة والواعية بالمسؤولية والتخصص والتواصل مع أهل الشأن من أجل السعي لثقافة سعودية شاملة ومعاصرة ومتأصلة في هويتها وخصوصيتها.

وتعدّ هيئة الفنون البصرية من بين الهيئات الفعّالة التي يجب أن تسعى لتحفيز دورها والتشجيع على النشاط والتواصل والتعاون، خاصة وأن دورها يتمثّل في تطوير الفنون البصرية بالتوازي مع الجوانب التربوية والتعليمية والانفتاح المحلي والدولي من خلال التجارب والتعليم والتدريب.

ولعل هذا يضع على عاتق الهيئة الكثير من المسؤوليات التي يجب أن تتماهى مع المرحلة التنموية دون أن تنفصل في عملها عن بقية الفنون، والقرب الحقيقي من الأجيال وبلا حواجز مستوى أو انتماء لا سيما أن الحاجة لكل التخصصات صارت ضرورية من أجل تسيير المبادرات والاتفاق على توظيفها بشكل شمولي لكل الفنون البصرية، والتعامل مع البرامج والأنشطة بإيقاع يعالج المحتوى ويدرس أبعاده البعيدة المرتكزة على الوعي والتنظيم.

إن العمل على الآليات والمبادئ والأسس هو الذي يتوافق مع التنظيم سواء للمعارض المحلية أو الدولية، ونفس الشيء ينطبق على تصاريح المعارض وتصنيفها وطرق العرض، فهي التي بدورها تضمن عمل الجاليريهات وتفتح المجال للتواصل مع الفنانين بضمان عملية الانتقاء والاقتناء والتحكم في الجودة، ودعم الحركة النقدية والمحتوى الخاص بالتطوير الفني من خلال العرض بما يضمن لتلك الآليات أن تتقدّم بالنسق المادي والمعنوي الفني والجمالي سواء كعرض أو كإنجاز وتأثير.

وبالمجمل فإن التطلعات لعمل هيئة الفنون البصرية تجعلنا ندرك أن التحدي الذي أسّست له رؤى المملكة من خلال المؤسسات ووزارة الثقافة قد بدأ، وهو يحمل على عاتقه التوافق بالارتكاز على العمل الدقيق والتنفيذ الجدي والجاد لهذه الخطط، لذلك فالمرحلة يجب أن تنظر عبر كل الزوايا وتتفرّع بدورها إلى أكثر من نواة مصغرة تدرس وتعمل وتبحث لتتجاوز الثغرات، وتتحقّق من جدوى العمل الثقافي البصري ووصوله مراحل الوعي والذوق والارتكاز الذي سيبتعد عن التهميش، ويكون له صلات ربط بين مختلف دول العالم سواء في المشاركة والتبادل والعرض.

وختاما فعلى الهيئة أن لا تستثني فكرة الابتعاث والعمل على تبادل الخبرات بتوفير منح دراسة الفنون، أو جلب مؤطرين وذوي خبرة وفتح أبواب المعرفة بانفتاح كامل وتشبث حقيقي بالهوية السعودية والتعريف بها في العالم كما ينبغى كموروث حضاري يعتد به أمام العالم.