المجتمعات تواجه تحديات عديدة، ومنها مظاهر التمييز العنصري، فهي من الأمراض المزمنة منذ الأزل، وكانت السبب في الفرقة والعديد من الحروب بين الناس. ومع ما يعيشه اليوم العالم مع جائحة كورونا، يجعلك تتفكر كيف ظهرت العنصرية على السطح من جديد متلونة بالوطنية.

وعلى الرغم من أن البعض يعتقد أنها اختفت أو حتى قلّت على أقل تقدير مع الحداثة والتطور على مر العصور، لكن ذلك عار عن الصحة، فهي ما زالت تحيا وتتنفس في 2020.

الأشخاص المصابون بوباء العنصرية لا يملكون القدرة على رؤية الصورة بشمولية، فهي تهاجم الفكر وتنهش اللحمة الوطنية. اختلافنا عن الآخرين لا يعني أننا أفضل منهم، لكن يحقق التوازن القوة والتكامل في المجتمعات. إن ما نراه في مواقع التواصل الاجتماعي من عصبية وعنصرية كريهة في بعض الأحيان من منطلق الوطنية، النصح، والمثالية الزائفة قد يكون لها الأثر العكسي في تعزيز الوحدة الوطنية، وقد تؤجج الفتنة.

النقد البنّاء للأفكار، المقترحات المطروحة للتقويم أو لإصلاح الخلل إن وجد أمر محمود، لكن لابد أن يكون مبنيًّا على أُسُس علميّة، وبدون تعصُّب وبإطار راقٍ وموضوعي. ومن المهم أن يبتعد الناقد عن الشخصنة، واستخدام الأسلوب اللبق في النقاش للتركيز على علاج الأمر.

الاختلاف بوجهات النظر لا يمنحك الحق على التنمّر واتباع النهج العنصري، المناقشة والاعتراض أمر صحي، لكن لابد أن يكون بالمنطق والحُجَّة، وبقبول الآخرين بدون إصدار أحكام مُسبقة. نستطيع أن نوضح الفكرة بالأدب والمنطق، ونجعلها خالية من النبرة العنصرية حتى نصل لمرادنا ولا نفقد صلب الموضوع.

يقول الإمام علي بن أبي طالب: «ما جادلت جاهلًا إلا وغلبني وما جادلت عالمًا إلا غلبته»، الأساس في الحوار الاحترام للوصول لحلول.

تعمل بلادنا جاهدة لتحقيق العديد من الإنجازات من خلال رؤية 2030 والبرامج لتعزيز ثقافة الحوار واحترام الاختلاف والتنّوع، والمحافظة على الوحدة الوطنية.

كما توصي هيئة حقوق الإنسان السعودية بتجريم كافة أشكال التمييز العنصري والكراهية والتعصب. ومن أبرز الأنظمة التي تطبّقها لدحضه للحفاظ على لُحمة المجتمع هي المادة (26) من النظام الأساسي للحكم على أن «تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية».

التعايش، وقبول الاختلاف، التكامل الإيجابي والاحترام بين أفراد المجتمع هي اللبنة الأساسية لأي مجتمع صحي. لكن ماذا لو وزارة التعليم أضافت مناهج في جميع المراحل الدراسية لغرس هذه المفاهيم والقيم، وهذا الدور مرتبط أيضًا بالأسرة وتربيتها للنشء على المحبة والسلام والتعايش، وقبول تنوّع المجتمع بكل طوائفه، ونبذ جميع لغات التنمر.

يجب علينا أن نتصدى للعنصرية، ونهدم أسوارها ونتبع نهج نبينا الكريم محمد "صلى الله عليه وسلم" حين قال: «دعوها فإنها منتنة». لابد أن يكون المعيار الحقيقي للاختيار والمفاضلة «الكفاءة» بجميع أشكالها، فالوطن يتسع الجميع، وبحاجة لجميع أبنائه.