‏اليوم نحتفل بيومنا الوطني التسعين، والمملكة يوليها العالم اهتمامًا لعدة أسباب، من أهمها: ثقافيا.. أنها قبلة ‏العالم الإسلامي وهو أكبر ديانة سماوية في العالم من حيث العدد، وتكمن أهمية المملكة هنا في مواجهة الأفكار المتطرفة الإرهابية والأصولية بالإضافة لرعايتها الحج والمقدسات الإسلامية، ثانيا: هناك أهمية اقتصادية للمملكة بحكم إدارتها بكل توازن وعقلانية ‏لأسواق البترول، حيث سياستها هي الحفاظ على مستوى أسعار ‏لا تؤذي النمو الاقتصادي في الدول المستهلكة، ‏ولا تعيق الشركات والدول المنتجة من صيانة أبرارها وتجديدها.

‏وهذا الحمل الكبير الذي تتحمله المملكة كان بفضل الله، ثم بفضل الاستقرار الذي تحظى به مع العالم.

‏إن المملكة محاطة بقلاقل جيوسياسية؛ ‏فمن ينظر للدول المجاورة المملكة في العقود الأربعة الأخيرة يجدها تعاني الكثير من التوتر والصراعات بين الأطراف منذ انفجار الحرب الإيرانية - العراقية في العام 1980 ‏بعد وصول رجلين للحكم، هما الخميني وصدام وكلاهما ذو أطماع توسعية وسياسة دموية إجرامية، ثم انفجرت الحرب الأهلية في اليمن الجنوبي في العام 1986، وقتل في 11 يوما ما يعادل ما قتل في لبنان في 16 عامًا، ‏ثم الغزو العراقي للكويت في العام 1990، وتحرير الكويت بعد أقل من عام، وفي منتصف التسعينات يصل إلى سدة الحكم في قطر حمد بن خليفة الذي حول إمارة قطر لمركز وشبكة مؤامرات ضد دول الخليج والمملكة خصوصا، وتستمر التوترات وظهور الخلايا الإرهابية حتى ظهور الربيع العربي وقيام داعش في الشمال بين سورية والعراق، ‏وفي اليمن بجوار الحدود السعودية تظهر الميليشيات الحوثية التي تغتصب السلطة وتمارس الإرهاب.

كل هذه الاضطرابات المحيطة والمؤامرات لم تمنع المملكة من الحفاظ على خطة تنميتها وتطويرها ذاتها ‏بشكل تدريجي، ومن يرجع للتاريخ ينظر كيف سعودت المملكة شركة أرامكو بشكل حقيقي وتدريجي بشكل لم أسمع عنه في أي دولة نامية أنها استطاعت توطين مواردها البشرية بشكل حقيقي في مجال ثروات الطبيعية باستثناء الصين، وبعد ذلك وضعت المملكة قاعدة الصناعات البتروكيميائية المتقدمة قياسا بجميع دول أوبك، وأصبحت تشكل مع البترول أغلب الصادرات السعودية، وحافظت المملكة على سعر صرف عملتها منذ الثمانينات وتصنيفها الائتماني الاستثماري، كل هذه المؤشرات الاقتصادية لم يكن يسهل تحقيقها.

‏وتشهد المملكة اليوم في عهد الملك سلمان وسمو ولي عهده - حفظهما الله - أنها أكثر حرصا على المرأة والشباب، ومكانة أكبر فيها وانفتاحا على العالم والثقافة والفن والفكر لبناء الإنسان، وأن تستطيع المملكة أن تضع بعدا ثالثا لأهميتها وهو صناعة المعرفة والتقنية، وأن تكون مكانًا للاستثمار والابتكار.

الحمد لله على نعمة هذا الوطن، وكلما تأملت في جمال جباله وشواطئه وروعة النجوم والقمر في مسائه وأنت آمن مطمئن تذكر فضل الملك عبدالعزيز في التأسيس والتوحيد، والذي سيبقى ذكره خالدًا جيلا بعد جيل.. رحم الله ذلك الفارس الحكيم.