رحلت الفنانات المصريات اللواتي أبدعن في تجسيد أدوار الأم الحنونة والزوجة الصبورة على الشاشة، من أمثال فردوس محمد وأمينة رزق وثريا حلمي وثريا فخري، لكن مصر الولادة عوضتهن بنجمات على القدر نفسه من احترافية الأداء والتسلل إلى قلوب المشاهد بعذوبة ودفء. من هؤلاء النجمة حنان سليمان التي باتت اليوم القاسم المشترك لمعظم الأعمال الدرامية، تؤدي فيها أدوارًا تتناسب مع سنها من بعد أن أدت وهي شابة بعض الأدوار الرومانسية.

تعالوا نقرأ شيئًا مما كتبه عنها الناقد الفني المصري جمال عبدالناصر في «اليوم السابع» المصرية (19/‏7/‏2015): «قليلون جدًا الممثلون الذين لديهم القدرة على تحويل الشخصية التى تسند إليهم في أي عمل درامي من حبر على ورق إلى شخصية من لحم ودم ومشاعر وأحاسيس تتجسد على الشاشة، وتعتبر الفنانة القديرة حنان سليمان من هذه النوعية من الممثلين، فهي تحس كل جملة حوارية بإحساس مختلف يتناسب مع طبيعة الموقف.

حنان سليمان في أي شخصية تقدمها تجدها تدخل في وجدانك، ويكون لها حضور كبير على الشاشة، وتركز جدًا في تفاصيل كل شخصية».

ولعل أكبر دليل على تعلق الجمهور بها بسبب أدائها المتميز هو أن شائعة إصابتها بفيروس كورونا الصيني مؤخرًا والتي تصدرت منصات التواصل الاجتماعي بحثًا وتداولاً، وهي الشائعة التي ردت عليها بجملة «ما كنتش أعرف إني مهمة للدرجا دي». وكان هذا متسقًا مع طبيعتها في تجنب الحديث عن نفسها وتفاصيل حياتها في وسائل الإعلام.

ولدت حنان، واسمها بالكامل «حنان حسن سليمان أبوعوف» في 22 أغسطس 1960 بالقاهرة، وبعد تخرجها من الثانوية رفضت الالتحاق بالمعهد التجاري كما خطط لها والداها، وفضّلت عليه الدراسة بمعهد الفنون المسرحية كي تحصل على شهادة البكالوريوس من المعهد الأخير مثل بقية زميلاتها، ويكون لها نصيب في «جوازة حلوة» بحسب تعبيرها. عارض والداها رغبتها، لكنها تمسكت بخيارها. وبالفعل تخرجت من قسم التمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية في عام 1984، وتزوجت «جوازة حلوة» أثمرت عن ابنها الوحيد «يحيى فودة» الذي يشبه والدته كثيرًا، والذي شارك بالتمثيل في بعض الأفلام مثل: تفاحة آدم، كرم الكينغ، وحكايات بنات، علمًا بأن زوجها توفي عام 1999، ومذاك أصرت على أن تبقى أرملة دون زواج كي تتفرغ لرعاية ابنها ورعاية والدتها المريضة.

قالت حنان إنها بعد تخرجها من المعهد العالي للفنون المسرحية لم ترغب كثيرًا في التمثيل، وراحت تبحث عن أي عمل آخر، لكنها لم تجد ما يناسبها، فقررت دخول مجال الفن ضمن شروط وخطوط واضحة تمثلت في عدم تقديم أي تنازلات تسيء إلى سمعتها أو تقلل من احترام الجمهور لها مع اختيار الأدوار التي تناسبها بدقة.

وهكذا بدأت أعمالها الفنية بالمشاركة في مجموعة من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والقليل من المسرحيات. فمن أشهر الأفلام التي شاركت فيها: يا رب ولد /‏ 84 مع فريد شوقي، إخراج عمر عبدالعزيز، إذ أدت فيه دور «هدى» إحدى بنات تاجر الأخشاب محمد الأسيوطي (فريد شوقي) الثلاث، الطريق إلى إيلات /‏ 93 إخراج إنعام محمد علي، الهاربات /‏ 87 إخراج ناجي أنجلو، الحب فوق هضبة الأهرام /‏ 86 إخراج عاطف الطيب، الجوع /‏ 86 مع سعاد حسني إخراج علي بدرخان، انتحار صاحب الشقة /‏ 86 مع كمال الشناوي إخراج أحمد يحيى.

ومن أشهر مسرحياتها مسرحية «الجوكر» التي مثلتها مع محمد صبحي في عام 1979 قبل تخرجها. أما على صعيد أعمالها الدرامية فعددها كبير لكننا نكتفي هنا بالإشارة إلى بعضها المبكر وبعضها المتأخر. فمن أهم مسلسلاتها المبكرة: الغول /‏ 92، رأفت الهجان /‏ 92، مطلوب عروسة /‏ 90، المال والبنون /‏ 93، الضوء الشارد /‏ 98.

وتعد سنوات الألفية الجديدة أغرز فترة عمل في حياة حنان، إذ قدمت فيها عشرات الأعمال الدرامية الجيدة التي أمتعت جمهور الشاشة الصغيرة. فعلى سبيل المثال قدمت في بداية الألفية مسلسلات من أهمها: لا أحد ينام في الإسكندرية، رمانة الميزان، أبوضحكة جنان، الأدهم، أحلام لا تنام، قلوب تائهة، نصر السماء، لحظات حرجة، حنان حنين، ليالي، سعيد تعيس جدًا جدًا، تعالي نحلم ببكرة.

ثم قدمت في عام 2015: زواج بالإكراه، دنيا جديدة، حالة عشق، المطلقات، أرض النعام. وفي عام 2017 شاركت في: ولاد تسعة، لأعلى سعر، ظل الرئيس، طاقة القدر، أنا شهيرة أنا الخائن. وفي عام 2018 أبهرت الجمهور بأدائها دور الخادمة والمربية الصبورة «فوز» المتعالية على الجراح والإهانات في مسلسل «كأنه إمبارح» مع رانيا يوسف وأحمد وفيق. أما في عام 2019 فقد أمتعت جمهورها بمسلسلات: أبواب الشك، لما بنتولد، قصة حب، علامة إستفهام، شبر مية، زلزال، بدل الحدوتة ثلاثة، إضافة إلى ظهورها في فيلم «قهوة بورصة مصر» من إخراج أحمد نور. وفي العام الجاري ظهرت في الأعمال الآتية: ونسني، خيط حرير، ختم النمر، حب عمري، جمع سالم، الوجه الآخر، أسود فاتح، اثنين في الصندوق، كما شاركت في فيلم «توأم الروح» إخراج عثمان أبولبن وبطولة حسن الرداد وأمينة خليل.