منذ عام 1946 الذي قدمت فيه آخر أعمالها السينمائية عاشت في الظل، متفرغة لأسرتها، فنسيها جمهور السينما إلى أن أفاقوا في الأول من يناير 1981 على خبر وفاتها، فتذكروا كم كانت ذائعة الصيت في عقدي الثلاثينات والاربعينات، وكم كانت جميلة بمقاييس الجمال وقتذاك، إلى درجة أن «مجلة الكواكب»، كبرى المجلات الفنية المصرية وأقدمها، كتبت عنها الكثير، ناهيك عن قيام مجلة (Cine Image) الفرنسية بوضع صورتها وهي في أحضان محمد عبدالوهاب على غلاف أحد أعدادها في الثلاثينات.

المقصودة بهذا الكلام هي الممثلة القديمة «سميرة خلوصي» التي ولدت في القاهرة في الخامس من يوليو 1912 لأب مصري من أصول يونانية وأم فرنسية الجنسية انفصلا عن بعضهما وهي طفلة صغيرة.

بدأت سميرة مشوارها الفني من خلال الأدوار القصيرة التي كانت تسندها إليها الممثلة والمنتجة والمخرجة عزيرة أمير (توفيت عام 1952)، ثم بدأت تأخذ أدوار البطولة بدءا بوقوفها أمام الموسيقار محمد عبدالوهاب في أول أفلامه وهو فيلم الوردة البيضاء الذي أنتج عام 1932 وعرض في عام 1933 من إخراج محمد كريم وتمثيل دولت ابيض وزكي رستم وسليمان بك نجيب ومحمد عبدالقدوس، والذي أدت فيه سميرة دور «رجاء» إبنة اسماعيل بك (سليمان نجيب) العائدة من دراستها في اوروبا لتعيش مع والدها وزوجة أبيها (دولت أبيض)، والتي يتعلق بها محمد جلال أفندي (محمد عبدالوهاب) الباشكاتب في دائرة أطيان والدها.

يقال إن عبدالوهاب كان وقتها يبحث عن وجه جديد تشاركه فيلمه الغنائي الأول، من بعد أول فيلم غنائي في تاريخ السينما المصرية وثاني فيلم مصري ناطق، وهو فيلم «أنشودة الفؤاد» الذي انتج عام 1932 من اخراج ماري فولبي وبطولة المطربة نادرة والشيخ زكريا أحمد، فاقترح عليه المخرج محمد كريم إسم سميرة خلوصي التي كانت آنذاك في السادسة عشرة من عمرها، فوافق بعد أن رأها واختبرها ونال موافقة والدها على اشتغالها بالتمثيل.

حقق فيلم الوردة البيضاء نجاحًا مذهلاً واستمر عرضه في صالات السينما مدة طويلة، محققا مكاسب مالية كبيرة، بسبب بطله عبدالوهاب الذي غنى فيه عددًا من أشهر أغانيه وقتذاك مثل: «ياوردة الحب الصافي» و»النيل نجاشي» و»جفنه علم الغزل». وكان أحد الأسباب الأخرى لاشتهار الفيلم هو اعتراض مشيخة الأزهر على مشهد في الفيلم يقبل فيه عبدالوهاب سميرة، علما بأن الاعتراض لم يكن حول القبلة وإنما حول ارتداء عبدالوهاب للطربوش أثناء القبلة، الأمر الذي عده الأزهر إهانة للطربوش الذي كان يرتديه كل مصري آنذاك ويعتبره رمزا قوميا.

والحقيقة أن نجاحها في الوقوف أمام فنان كبير مثل عبدالوهاب فتح أمامها الأبواب على مصراعيها، فشاركت بعد فيلم الوردة البيضاء، وقبل أن تختفي في منتصف الأربعينات تقريبا، بأدوار البطولة في أربعة أفلام أخرى هي:

1ــ عنتر أفندي /‏ 1935 من تأليف وإخراج الفنان استيفان روستي، أمام حسن فايق، منسي فهمي، ومحمد الكحلاوي، ومختار عثمان وعبدالعزيز أحمد. 2 ــ نداء القلب /‏ 1943 من إخراج عمر الجميعي، أمام أمينة نور الدين وإبراهيم حمودة وبشارة واكيم واسماعيل يس واسكندر منسي وعبدالفتاح القصري وزينات صدقي وحسن كامل، وفيه أدت دور «علية» الفتاة يتيمة الأبوين التي يتعلق بها الموسيقار الطموح هاني (إبراهيم حمودة). 3 ــ الجيل الجديد /‏ 1945 إخراج أحمد بدرخان، أمام حسين صدقي وعلوية جميل ومنى ومنسي فهمي والسيد بدير، وفيه أدت دور «سامية» الزوجة التي تتمسك بزوجها أحمد فريد (حسين صدقي) متحدية ضغوط والدها اللواء فتحي باشا (منسي فهمي) الذي يعمل على التفريق بينهما. 4 ــ عودة القافلة /‏ 1946 إخراج أحمد بدرخان، أمام حسين صدقي وحسين رياض ونجمة إبراهيم ومحمود المليجي وثريا فخري وحسن البارودي.