يقول رالف أمرسون "لا يمكن تحقيق أي شيء عظيم دون شغف".
تذكرت هذه المقولة وأنا أتابع فيلما يحكي قصة أشهر طاهية في العالم تدعى جوليا تشايلد، ولدت جوليا عام 1912 في كاليفورنيا ثم انتقلت مع زوجها إلى فرنسا، حيث كان يعمل هناك. ركزت على شغفها في عالم الطهو وكانت تقضي معظم وقتها في صنع الأكلات المتنوعة التي أصبح القاسم المشترك فيها الزبدة، وكانت تعتقد أنها هي المكون السحري في نجاح أي وصفة. بدأت تدوين وصفاتها في كتاب طهو يحتوي أسرار الأكل الفرنسي ومكوناته وأهم طرقه وتفاصيله ثم قامت بترجمته إلى اللغة الإنجليزية، وحين انتهت بدأت عرضه على دور النشر التي رفضته، لكن صاحب دار النشر الفريد كانوف تحمس لكتابها وعرض عليها مبلغا رائعا من أجل طباعته ونشره، في عام 1972 بدأت جوليا تقديم برنامج The French Chef، حيث كانت تقدم وصفاتها من خلاله ما منحها مزيدا من الشهرة في أنحاء العالم. مرت حياة جوليا بعديد من الأزمات التي اختبرت فيها قدرتها على مواجهة الألم، الأولى حين فشلت في تكوين علاقات اجتماعية في بداية حياتها في فرنسا، والثانية حين أصيبت بمرض سرطان الثدي الذي عانته قبل أن تلجأ إلى استئصاله بعملية جراحية، ورغم ذلك لم تفقد شغفها ولم تتوقف عن مطاردة ذلك الحلم في داخلها وظلت تقدم برنامجها وتضع بصمتها في عالم الطهو، حتى صنفت بالطاهية الأولى على مستوى العالم. في عام 2001 أعلنت توقفها النهائي عن تقديم برنامجها الذي استفاد منه كثير من الطهاة في تلك الحقبة، ولأنها تؤمن بأن الشغف رسالة ربما قرأ حروفها إنسان فتركت أثرا ملهما في داخله فقد أوصت أن يؤول مطبخها الذي رافقها خلال برنامجها التلفزيوني الشهير The French Chef إلى المتحف الوطني في واشنطن.
امتد العمر بجوليا إلى أن بلغت الـ91 عاما لترحل عن عالمنا في عام 2004.
النجمة الأمريكية ميريل ستريب جسدت ببراعة متناهية شخصية جوليا تشايلد في طريقة كلامها ونبرة صوتها المرتفعة الغريبة في فيلم جميل يحمل عنوان جولي وجوليا. هذه القصة الملهمة تخبرنا أن الشغف حين يتمكن في النفس ويتمدد بين تلافيف العقل ويمسك بتلابيب الروح فإنه حتما سيقودنا نحو أماكن لم نكن نعتقد يوما ما أننا سنصل إليها.
وخزة:
في كل عمل تقوم فيه راقب مقياس الشغف لديك إن لم يصل إلى منتصفه على الأقل فعليك أن تعيد النظر!