ـ على الفنّ ألا يُوصِل رسالة!. الفن ليس ساعي بريد!. الفن متعة وجمال وأرض خصبة للتّأمّل، هادفًا كان ذلك التأمّل أم غير هادف!. وسوف تصل الحكمة بهيجة، والمعرفة مرحة، عبر رسائل كثيرة لم يتقصّدها الفنّان، ولم يدرِ، أصلًا، أنّها موجودة في عمله!.
ـ هو نفسه الفنّان المبدع، وفيما لو فكّر قليلًا، سيكتشف أنّ عشرات، ربما مئات، الرسائل وصلته، من قِبَل مبدعين آخرين، دون قصدٍ منهم، ودون أنْ تكون أعمالهم قد حمَلَتْ هذه الرّسائل بالضرورة!.
ـ وأنّ هذه الأعمال الإبداعية التي تأثّر بها وشكّلت جزءًا من تكوينه، خبّأتْ رسائل خاصّة لكل قارئ لها أو متأمّل فيها، وما كان لهذه الرسائل أن تُقرأ إلا ممزوجة، مدموجةً، بفهم، وحسّ، ووعي، كل قارئ على حِدَة!.
ـ الفنّ جَلّاب الحيرة المُدَوِّخة الممتعة، والبقيّة على القارئ، المتلقّي، الذي عليه أنْ يكون فنّانًا مبدعًا هو الآخر، ليقرأ ما تكتبه روحه، ليس ردّا على ما قرأ وتأمّل، ولكن تفاعلًا معه وإضافةً له وعليه!.
ـ ما هي رسالة “الموناليزا”؟! أتحدّاني وأتحدّاك!. ما هي رسالة الموسيقى الخالصة عمومًا؟! أتحدّانا أيضًا!.
ـ لو كان العمل الفنّي رسالة بالضرورة، لأمكن لهذه الرسالة أن تُقال، وأن تَطرح وتشرح أهدافها، بأكثر من وسيلة وطريقة. وهذا ضد الفن نفسه!.
ـ فالميزة الأولى، والعُظمى، لأي عمل فنّي حقيقي، الميزة التي هي السّر والنبض في، والدليل على، أي عمل فنّي، هي أنّه لم، ولا يمكن قوله، أو إنجازه، بطريقة أُخرى، غير هذه الطريقة التي قيل بها، وأُنجِز من خلالها!.
ـ الفن شكل!. والشكل الفنّي ملاحقة وملاقحة!.
ـ العمل الفنّي شكل!. ما لم يكن معناه في شكله، انتهى الأمر!، صار منشورًا، لافتة طريق، إعلانًا، درسًا توعويًّا، رصدًا في دفتر حسابات، رسالة!. صار أي شيء، أي شيء، إلّا أنْ يكون عملًا فنيًّا!.
ـ الفن هادف، وهدفه أن يكون فنًّا!. ما إن يشتغله الفنّان على أساسٍ غير هذا، ومهما كانت النوايا طيّبة والغايات كريمة، حتى يتحوّل الشّهيّ فيه إلى قُرص دواء منتهي الصلاحية!.