كثر اللغط عن تطبيق المحادثات الشهير "واتساب" في شهر يناير الماضي وعن إعلانه استخدام بيانات العملاء في الشركة الأم فيسبوك قبل تراجعها أو بمعنى آخر تأجيل القرار إلى شهر مايو المقبل. استحوذت شركة فيسبوك على تطبيق المحادثات واتساب في شهر فبراير 2014 مقابل 19 مليار دولار، لكن الشركة الأم لها تاريخ في اختراق الخصوصية وتسريب ملايين المعلومات للعملاء. ولا ننسى فضيحة بيانات فيسبوك - كامبريدج أناليتيكا Facebook–Cambridge Analytica، وهي فضيحة سياسية حدثت عام 2018 عندما تم الكشف عن أن شركة كامبريدج أناليتيكا قد جمعت بيانات شخصية لملايين الأشخاص على موقع فيسبوك دون موافقتهم قبل أن تستخدمها لأغراض الدعاية السياسية، ما أدى ذلك إلى هبوط حاد في سعر أسهم شركة فيسبوك. هذا لا يعني أنها سيئة لكنها تبحث عن مصلحتها المالية ورفع أسهم ملاكها بكل الطرق القانونية المتاحة.
إن "فيسبوك" ليست شركة خيرية أو جمعية غير ربحية لمساعدة الناس على التواصل، لكن همها الأول هو الربح من خلال الإعلانات التجارية، وكذلك بقية المنصات الرقمية مثل "تويتر" و"إنستجرام" و"سناب شات" و"تيك توك" وغيرها. حيث يتم تحليل بيانات العملاء مثل دراسة سلوكياتهم وقياس عدد ساعات التواصل وزمن الدخول والخروج من التطبيق وغير ذلك من أجل بيعها لطرف ثالث، وعليه ترسم الدعاية والإعلان بالضبط على مقاس العميل المستهدف، وليس الهدف بيانات العملاء مثل الرسائل والصور ومقاطع الفيديو والرسائل الصوتية وغيرها. بمجرد معرفة آلة التطبيق ما يبحث عنه المستخدم في المنصة من خلال سجل التتبع أو المتصفح cookies، وهو قطعة نصية صغيرة مخزنة في الحاسوب أو الجوال، تحلل بيانات العميل ويخصص له الدعاية أو الإعلان التجاري المناسب من خلال مطابقة البيانات مع شركات الإعلانات التجارية.
ولا يعني ذلك عدم استخدام هذه التطبيقات التقنية أو كما رأينا من البعض إزالة "واتساب" والجري وراء تطبيقات أخرى مثل "تيليجرام" أو "سيجنال" بحجة أنها أكثر أمنية أو غير قابلة للمشاركة أو الاستخدام. فكل التطبيقات المشهورة تبحث عن الربح والعائد الاقتصادي المجزي، مع العلم أن أحد مؤسسي تطبيق واتساب وسيجنال هو شخص واحد يدعى براين أكتون.
إن تطبيق واتساب يستخدم خاصية التشفير الثنائي أو ما يعرف بـ end-to-end encryption وهذا يعني أن كل الرسائل والصور ومقاطع الفيديو والرسائل الصوتية والمستندات وغيرها مشفرة تماما. ورغم أن هذا ما تدعيه الشركة في موقعها، إلا أننا نرى أن مسؤولية مشاركة البيانات تقع عليك أيها القارئ. ولنعلم أن خوادم البيانات لكل الشركات أو التطبيقات تقع خارج المملكة على عكس البريد الإلكتروني للجهة المحلية الذي تمتاز أغلب خوادمه بوجوده فعليا، وإن كانت سحابية التخزين، فهي ترجع إلى إحدى الشركات المحلية الأكثر أمنية.
إن البيانات الشخصية ترجع إلى المستخدم في مشاركتها أو إرسالها، وكل مستخدم قد وافق على اتفاقية الشروط والأحكام قبل تفعيل التطبيق لديه بما يسمح للتطبيق بتغيير بعض بنوده والإشارة لاحقا عنه كما تفعل "فيسبوك". بيد أن تطبيق واتساب قد استخدم كثيرا للاجتماعات وتنسيق اللجان لبعض الجهات الحكومية والخاصة، نظرا لسهولة استخدامه وتبادل المستندات والعروض المرئية، لكننا نرى أن تقتصر مشاركة البيانات أو المستندات الرسمية على البريد الإلكتروني، ولا تستخدم منصات التواصل الاجتماعي. ولا يعقل مشاركة مستندات سرية للغاية في تطبيق تواصل اجتماعي. سنرى حلقة جديدة من تطبيق واتساب قريبا وكيف سترسم سياسة بياناته من قبل شركة فيسبوك.