يقول أحد الساخرين: قبل عام كانت المنازل معقمة لدرجة أنك تستطيع أن تجري عملية جراحية على مجلى المطبخ. كلامه دقيق، لكن بعد عام يعود الفيروس ليتحرك بشكل رأسي بعد أن كنا نعتقد بأن الأسوأ قد مر، ولهذا تبقى كل آمالنا معلقة بالله سبحانه وتعالى، ثم بالوعي المجتمعي الذي كان على أشده قبل عام من اليوم.
إن الطبيعة البشرية التي يتناقص حذرها بمرور الوقت لتصل إلى مرحلة الإهمال تدريجيا، تسيطر على المجتمعات عموما، ورغم ما يشاهده الجميع من المآسي في دول كثيرة، والأزمات التي نتجت عن الإهمال العام لعناصر الوقاية الشخصية والمجتمعية، إلا أن حالة التراخي تستمر في السيطرة على الناس، لدرجة أن كثيرين يستغربون اليوم حين يدخل شخص أحد المنتديات أو الحفلات أو الاجتماعات وهو ملتزم بملابس وقاية كانت ملزمة قبل عدة أشهر فقط من قبل الناس أنفسهم.
لعل قدرة الفيروس على التحول السريع وظهور أجيال جديدة منه استطاعت أن تتحدى وسائل الوقاية التي استخدمناها في السابق، تعني أن التواصل المجتمعي الدولي أصبح العنصر الأكثر خطورة في نشر هذا الفيروس على مستوى العالم. يظهر هذا جليا في الدول التي لا تهتم بالحجر الصحي للوافدين أو الإلزام بالفحوص قبل صعود الطائرات والقطارات.
حققت المملكة فتحا مهما في هذا المجال عندما ألزمت كل من يغادر ببروتوكولات معينة، وألزمت القادمين ببروتوكولات أشد، اعتمادا على الدول التي يقدمون منها، مع قناعتي الشخصية "القاصرة" أن هذه البروتوكولات لا بد أن تطول جميع القادمين، لسببين أولهما: أن الفترة بين ظهور الحالات والتحولات في الفيروسات واكتشافها طويلة بعض الشيء، ما يعني أنه قد يتم التساهل مع حالات وهي أخطر مما نعلمه.
الآخر، أنه لا بد أن نوجد وسيلة للتحكم في حركة من يقدمون إلى المملكة، للتأكد من أنهم ملتزمون بالبروتوكولات المحددة، وهذا لا يحدث - في الأغلب - بسبب تفريط البعض وعدم اهتمامهم ورغبتهم في قضاء حوائجهم والعودة السريعة لنمط الحياة العادي. هنا أزعم أنه لا بد من أن نوجد وسيلة رقابة تضمن تقييد حركة القادمين للسعودية من أي دولة جاءوا، لأنه دون هذه الاحترازات سيكون من الصعب إنزال الأرقام التي تتصاعد هذه الأيام بشكل غير مقبول أبدا.