كان يوم 12 أبريل مناسبة عالمية للاحتفال بالذكرى الـ60 لنجاح أول رحلة لعربة مأهولة إلى الفضاء، وأسهم هذا الحدث الكبير في التّمهيد لحقبة اكتشافية جديدة أحدثت تغييراً كبيراً في طبيعة العالم الذي نعيش فيه الآن، ولم يسجّله التاريخ، ليس لأنه إنجاز علمي وتقني كبير فحسب، بل باعتباره يمثل أيضاً رمزاً ودليلاً على النوايا الحسنة والرغبة في التعاون السلمي من جانب قوة عظمى هي روسيا، ولهذا السبب يمكن القول إن هذا العيد ليس مؤطراً بحدود زمنية بل يوحّد كل الأجيال وكل الشعوب تحت راية التعاون.

وتمكن المواطن السوفييتي يوري غاغارين لأول مرة من التحليق في مدار حول الأرض ثم عاد وهبط على سطح الأرض بنجاح يوم 7 أبريل 2011، ويوم 12 أبريل من ذلك العام، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن هذا التاريخ أصبح يوماً عالمياً للاحتفال بدخول البشرية جمعاء عصر الفضاء.

وخلال الأعوام الـ60 التي مضت على هذا الإنجاز العظيم، تمكَّن العالم من تحقيق آمال وتطلعات كثيرة وإطلاق العديد من الكبسولات الفضائية إلى الكواكب الأخرى.

تتبوأ روسيا الآن مكانة ريادية في صناعة الفضاء من حيث عدد عمليات الإطلاق الناجحة، وتعمل بجدّ ونشاط على تطوير كوكبة من الأقمار الصناعية المدارية، وتنشغل لابتكار منتجات جديدة ذات تكنولوجيا عالية ومتقدمة.

ويوم 9 أبريل، تمكنت المركبة الروسية المأهولة «يوري غاغارين» التي تحمل ثلاثة رواد فضاء من الالتحام بمحطة الفضاء الدولية بطريقة آليّة مبتكرة بعد أن تم إطلاقها من قاعدة بايكونور الفضائية عشية الاحتفال بالذكرى لرحلة رائد الفضاء الأول غاغارين.

وأجد هذه المناسبة فرصة أعبر من خلالها للقراء عن المشاعر التي انتابتني يوم 12 أبريل 1961، عندما كنت طالباً في «معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية»، وكنا نتابع محاضرة عادية، وفجأة قام أحد الطلاب وراح ينظر إلى زملائه ويصرخ فيهم قائلاً: «أنتم تجلسون هنا، وهناك رجل يحلّق في الفضاء»! واندفع الطلاب جميعاً واتجهوا نحو الساحة الحمراء للاحتفال بهذا النصر الكبير، وهم يرددون عبارة: «يا للفرحة.. لقد أصبحنا في الفضاء».

وتوجد في روسيا الآن أربع محطات لإطلاق المهمات الفضائية، والتي تستخدم أيضاً محطة بايكونور الفضائية بموجب اتفاقية مع دولة كازاخستان، وتستضيف العديد من الفعاليات ذات العلاقة بالبحوث والاكتشافات الفضائية، وسوف يبقى 12 أبريل يوماً احتفالياً متميزاً إلى الأبد.