الأمر المحير فعلاً هو أن العديد من الوجوه التي ظهرت على شاشات السينما وهي في سن الطفولة وحققت نجاحات جماهيرية مشهودة لبراعة أدائها، لم تحقق نجاحات مماثلة حينما كبرت، فكان مآلها الابتعاد والانزواء بعيدًا عن مجال الفن. حدث ذلك مع الطفلة فيروز الصغيرة التي لقبت بمعجزة السينما المصرية في الأربعينات والخمسينات، وحدث لاحقًا مع الطفل سليمان الجندي وغيرهما. ويمكن في هذا السياق أن نضيف الطفلة «نادية الشناوي» التي دخلت السينما في سن السادسة وحققت النجاح تلو النجاح في العديد من أفلام الخمسينات بسبب موهبتها وجرأتها وأدائها غير المتكلف وملامحها الباعثة على التعاطف، قبل أن تشارك في مرحلة النضج والبلوغ في عدد من المسلسلات، ثم تعتزل.

ولدت نادية في 12 نوفمبر 1945 ابنة للمخرج أنور الشناوي المولود في عام 1927 والذي عمل كمساعد مخرج قرابة عشرين عاما في أفلام مهمة، مثل رحلة غرامية، شاطئ الأسرار، طريق الأمل، ورد قلبي.

يمكن تذكرها وهي طفلة في فيلم أسرار الناس (أول أفلامها) الذي أخرجه حسن الإمام في عام 1951 حيث تقمصت فيه دور «نعمت» ابنة الحاج عرفة حسانين (حسين رياض) التي تضيع فيعثر عليها الحداد (عبدالعزيز أحمد) ويربيها وتصبح فاتن حمامة حينما تكبر. وكررت تقمصها لنفس الدور وتحت نفس الاسم في فيلم كأس العذاب الذي أخرجه حسن الإمام في العام التالي، حيث هي ابنة رياض (محمود المليجي) من زوجته شريفة هانم (عزيزة حلمي).

في عام 1952 شاركت أيضا في فيلم الدم يحن للمخرج سيد زيادة، حيث أدت دور الطفلة «سلوى» ابنة المحامي عبدالرحمن رشدي (حسين رياض) الذي يتزوج بعد وفاة والدتها من سعاد هانم (ميمي شكيب) التي تعاملها بقسوة فتهرب لتباع للمعلم جليجل المدق (محمود المليجي) الذي يغير اسمها إلى «لوزة» لتصبح بعد أن تكبر درية أحمد. وفي العام التالي (1953) شاركت في أربعة أفلام أخرى، هي وفاء لعزالدين ذوالفقار في دور «هدى» ابنة أمينة (مديحة يسري) والطبيب كمال (عماد حمدي)، طريق السعادة لكامل الحفناوي في دور ابنة المحامي حسين (كمال الشناوي) وأمينة (زهرة العلا)، اللقاء الأخير للمخرج سيد زيادة في دور «سلوى» ابنة الخطيئة لنادية (بدرية رأفت) وعزت (محسن سرحان)، الحب المكروه للمخرج عبدالله بركات في دور «سهام» ابنة منير سعيد (محسن سرحان) والهام (عقيلة راتب).

وفي عام 1954 قدمت واحدة من أدوارها السينمائية الخالدة بظهورها في فيلم «كدت أهدم بيتي» للمخرج أحمد كامل مرسي في دور الطفلة «نادية» ابنة المحامي حمدي سعد الدين (محسن سرحان) وزوجته راقية (راقية إبراهيم)، كما قدمت في السنة ذاتها فيلم الملاك الظالم لحسن الإمام والتي جسدت فيه دور الطفلة «نادية» (فاتن حمامة حينما تكبر) التي تعتقد خطأ أن والدها إبراهيم درويش (عبدالوارث عسر) قتل والدتها زينب (عزيزة حلمي)، فتدخله السجن.

في عام 1955 قدمها المخرج عاطف سالم في فيلمه الأثير «فجر» حيث أدت فيه دور الطفلة «فجر» ابنة عم أمين (حسين رياض) وزوجته زينب (ثريا فخري) التي تصبح ماجدة حينما تكبر. وفي العام نفسه عاد حسن الإمام ليقدمها في فيلم بنات الليل في دور «سميرة» ابنة الخطيئة للراقصة نعيمة (هند رستم) التي تبيعها تحت ضغط الحاجة ودرء الفضيحة لكوثر (مديحة يسري). أما في عام 1956 فقد كان ظهورها الأبرز في فيلم العروسة الصغيرة لأحمد بدرخان، حيث أدت دور الطفلة «نادية» ابنة الموظف كامل (يحيى شاهين) وزوجته سهام (مريم فخر الدين)، والتي يعجز والدها عن مداواتها بسبب ظروفه المادية العسيرة فتموت بالتهاب رئوي، كما قدمت في العام نفسه فيلم «صوت الماضي» لعاطف سالم في دور الطفلة «فيفي» التي تصبح ايمان بعد أن تكبر، وأيضا فيلم دعوة المظلوم لكامل الحفناوي أمام عمر الحريري وزهرة العلا.

وحينما حلت سنة 1957 عاد حسن الإمام للاستعانة بطفولتها فقدمها في فيلم «الحب العظيم» كابنة خرساء لسامية (هند رستم) وزوجها المهندس أحمد وجدي (عماد حمدي)، لتنهي مشوارها في عالم أطفال السينما بالمشاركة في فيلم مهرجان الحب /‏1958 لحلمي رفلة أمام صباح وأحمد رمزي ومحمد سلمان وحسن فائق.

بعد فيلم مهرجان الحب السخيف، اختف نادية مؤقتا قبل أن تعود كشابة يافعة جميلة في عام 1972 من خلال المشاركة في فيلمين كلاهما من إخراج والدها أنور الشناوي وهما: فيلم «الشيطان والخريف» الذي أدت فيه دور «كريمة» خطيبة بطل الفيلم عزت (صلاح قابيل)، وفيلم «الغضب» الذي ظهرت فيه كشقيقة لبطل الفيلم المعلم جابر (فريد شوقي). وفي الفترة من السبعينات وحتى مطلع الألفية الجديدة شاركت نادية في أدوار ناسبت سنها كشابة وذلك من خلال جملة من المسلسلات التلفزيونية، لعل أهمها المانشيت الأحمر، بنك القلق، القاهرة والناس، الغضب، وجهة نظر، دمعة على خد القمر، الفارس العاشق، أنا وأنت والزمن طويل، والحب أقوى، رسول الإنسانية.