ترى ما الذي أتلفه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، وهو يغادر مكتبه؟! وماهي الوثائق السرية التي كانت محفوظة في المكتب، وأراد إخفاءها عن رئيس الحكومة الجديد نفتالي بنيت؟!

لقد درجنا على تكامل الأدوار الصهيونية منذ هرتزل وحتى وقت قريب، فما الذي يدفع نتنياهو للإتلاف، ومن أي شيء يخاف؟! ما الذي كان في «حوض السمك» وهو الاسم الذي يطلق على مقر رؤساء حكومات إسرائيل في القدس المحتلة، والذي يضم جناحاً سرياً لا يتاح دخوله لأحد من خارج المكتب، أو حتى من خارج الحلقة الضيقة المحيطة برئيس الحكومة؟!

لا أظن أن الأمر يتعلق بفضائح فساد شخصية، فقد امتلأت ملفاته! ولا أظن كذلك أنها بانتهاكات للمواثيق والمعاهدات الدولية خاصة ما يتعلق بحق الإنسان، فموقف إسرائيل كلها معروف للعالم، ومن ثم سيظل السؤال مطروحًا ولن يزال إلا إذا عاد نتنياهو للكرسي!

يقول المراقبون إنه «حسب القانون والأصول»، لا يجوز المساس بأيٍّ من هذه الوثائق لدى تداول السلطة، وينبغي على رئيس الحكومة المنتهية مهمته أن ينقلها كما هي إلى خليفته، عندما يسلمه زمام رئاسة الحكومة، ونقول ومنذ متى كان لإسرائيل في تعاملها مع الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها من مقدسات ومن فيها من بشر أصول وقوانين؟!

ويقول محرر صحيفة «هآرتس»، إن نتنياهو بنفسه أمر بتمزيق وإتلاف عدد من هذه الوثائق حتى لا تصل إلى أيدي رئيس الوزراء الجديد بنيت وفريقه، رغم أن دستور خدمة «الدولة في إسرائيل» يؤكد على أن أي «وثائق ومواد أرشيفية كانت محفوظة في مكتب مسؤول انتهت ولايته، ومتعلقة بشكل مباشر أو غير مباشر بعمله أو منصبه كموظف دولة، هي ملك للدولة»، ونقول أي دستور هذا الذي يكافئ قتلة البشر وسافكي دماء الأطفال؟! وأي دولة تلك التي تجيز وتبيح هدم المنازل وطرد سكانها، وانتهاك حرمات المقدسات وتلويثها بأقدام خيولها؟!

وتضيف «هآرتس»، إن هذه لم تكن المرة الأولى التي يتصرف فيها نتنياهو بالوثائق بصورة غير قانونية لدى انتهاء ولايته، ففي عام 1999 وقبل أسابيع قليلة من خسارته الانتخابات لصالح إيهود باراك، احتفظ نتنياهو لنفسه، خلافاً للقانون، بوثائق سرّية، وُصف قسم منها بأنه «سر مشفر»، وهو تصنيف أعلى من «سرّي للغاية»، وهي تشمل عادةً جداول زمنية لكبار المسؤولين في المكتب، ومواد تتعلق بعملهم الدائم ووثائق أخرى.. وليس واضحاً أي من هذه الوثائق تم تمزيقها، وكميتها.

إن الصحيفة الإسرائيلية تجيب وهي تنشر هذه المعلومات والتقارير على السؤال الذي لم يعد بحاجة إلى تفسير: دولة تلك أم عصابة؟!

على أن الإجابة الأوضح جاءت أمس عبر بيان نشرته منظمة «الصوت اليهودي من أجل السلام»، والتي أسسها يهود مسالمون -كما يعرّفون أنفسهم- عام 1996 في الولايات المتحدة، على صفحتها الرسمية في فيسبوك، وتدين فيه «عنصرية الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الوحشية في طرد الفلسطينيين الذين يعيشون في حي الشيخ الجراح في القدس».

ولم يكتف بيان المنظمة بالتأكيد على أن الاحتلال الإسرائيلي يقوم «بسرقة الأراضي والتطهير العرقي في سياساته العنصرية تجاه المدنيين الفلسطينيين الذين هجرهم الاحتلال قسرًا من منازلهم»، وإنما دعا الأمريكيين علنًا إلى المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل!.