شهد يوم الأحد الماضي إجراء انتخابات في بلدين متباعدين هما أرمينيا التي تقع شمالاً بين بحر قزوين والبحر الأسود، وإثيوبيا التي تقع في جنوب شبه الجزيرة العربية، ويبدو أن للتحديات التي تواجه هذين البلدين بعض الخصائص والسمات المشتركة.

وسوف تحقق هاتان الحملتان خياراً حرّاً وديمقراطيّاً لكلا الشعبين، وسوف يكون لهما بُعداً تاريخيّاً مهماً، لأنهما ستحددان من الذي سيقود بلديهما ويبني مستقبلهما.

وفي كلا البلدين تأتي هذه الانتخابات في أعقاب نزاعين مدمرين ودمويين، شارك فيهما زعيماهما رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد علي.

وكان كل من هذين الزعيمين اللذين يتمتعان بشعبية عريضة، يروّج لمشروع وطني يلقى الدعم والحماس من غالبية المواطنين، ومن جزء كبير من المجتمع الدولي، لكنهما أغرقا بلديهما في الفترة الأخيرة في الخوف والشك، وقررا المضي إلى الحرب عمداً ليكونا على موعد مع الهزائم وزعزعة استقرار بلديهما، ولا يزال فشلهما في بلوغ الأهداف التي كانا يتوقعانها من هذه المغامرات، أمراً يكتنفه الغموض وتغلفه الأسرار، وهذا ما يدعونا إلى التساؤل: كيف فشل كل منهما في تقدير العواقب وحجم المخاطر التي ينطوي عليها قرارهما بالذهاب إلى الحرب؟، ولماذا غاب عن ذهنيهما التفكير في الخيارات الأخرى المتاحة لإنهاء الحرب في الوقت المناسب، مع العلم أن من المحتمل أن تكون نتائج تلك الحرب مخيفة بالنسبة للمدنيين؟، وأمام الجهل الفاضح في الإجابة على هذه الأسئلة، يبقى على المؤرخين توضيح هذه النقاط المبهمة.

والآن، سوف يكون من حق المواطنين في كلا البلدين أن يختاروا الزعيم الذي يستحق أن يُمنح الفرصة لإصلاح الضرر، وإعادة البلد إلى المسار الآمن.

مهما ستكون نتيجة الانتخابات في البلدين، فإن مستقبلهما يبدو مؤلماً ويكتنفه الغموض، وسوف يتعلق التحدي الأكبر بمهمة إعادة بناء دولتين متمزقتين، والاتفاق على مشروع للعيش المشترك في داخل كل منهما ومع جيرانهما.

وتتميز أرمينيا الصغيرة وإثيوبيا العملاقة بأبعادهما الرمزية، وهما من ورثة الحضارات القديمة المزدهرة، ويُعرف عن أرمينيا أنها الدولة الأولى التي اعتنقت المسيحية، وإثيوبيا هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي نجت من الاستعمار الأوروبي، وهي معقل منظمة الاتحاد الأفريقي.

وهناك سببان رئيسيان يفرضان على القوى الإقليمية والدولية تقديم المساعدة للبلدين للتوصل إلى سلام دائم، تماماً مثلما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة قبل فترة قصيرة، وبما قد يشجع كل بلدان منطقة القرن الأفريقي لعقد المصالحات التاريخية.