لا جدال على التراجع الثقافي في #الكويت وتدني مستواه إلى الحضيض، بسبب غياب الاهتمام الحكومي بذلك منذ عقود من الزمن، ولعل خير برهان جديد على الإهمال المتعمد في هدر قيمة المقتنيات السياسية والثقافية والتاريخية من قبل وزارة التربية!
صعقت أخيراً بمعلومة بيع وزارة التربية، قبل حوالي سبع سنوات، لمقتنيات أثرية وذات قيمة تاريخية عالية جداً باعتبارها خردة أي «سكراب» بالعامية، فقد تخلصت وزارة التربية في ذلك الوقت من نفاياتها، مجازاً، في المخازن من ضمنها هذه المقتنيات!

سكراب وزارة التربية عبارة عن بكرات سينمائية بعدد 3000 بكرة، ومعظمها بحالة سليمة وهي تتعلق بمواد فيلمية خاصة بالتاريخ خلال فترة الخمسينات والستينات، من أبرزها تسجيل سينمائي للمجلس الـتأسيسي ويظهر فيه الدكتور أحمد الخطيب أطال الله في عمره.

وضم السكراب، أي مخلفات وزارة التربية، التي تم بيعها إلى وافد، بعض اللقطات النادرة لمطار الدسمة آنذاك، وزيارة الملك الراحل سعود بن عبدالعزيز إلى الكويت في العام 1961، وهو تسجيل ملون.

المقتنيات التي اعتبرتها الوزارة خردة لا حاجة لها، ضمت أيضاً فيلماً عن الحوت الأزرق النافق في العام 1963، واستقبال الرئيس المصري الراحل أنور السادات في الكويت، والمخيم الكشفي العاشر والافتتاح برعاية الشيخ الراحل عبدالله الجابر، مدير دائرة المعارف آنذاك.

وظهر في تسجيل المخيم الكشفي العاشر حاكم إمارة الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، إلى جانب احتفال للكشافة بقيادة فرقة الجيش الموسيقية بقصر نايف، بمشاركة الفنان القدير شادي الخليج.

كل هذه المخلفات والخردة وقعت لحسن الطالع لدى الأخ المبدع محمد البناي، المعروف بهواية شراء المقتنيات التراثية منذ 30 عاماً، وقد حصل على سكراب وزارة التربية مقابل مبلغ من المال دفعه للوافد العربي من جيبه الخاص.

سكراب وزارة التربية اقتناه الأخ محمد البناي ضمن متحفه الشخصي في منطقة الشعب، محافظاً على هذه المقتنيات الأثرية والتاريخية ضمن مجموعة ضخمة أخرى.

تنازلت وزارة التربية بجهل طوعي عن هذه المقتنيات باعتبارها «سكراب»، من دون التدقيق في قيمة ما لديها من أرشيف لا ينبغي التفريط فيه وإهماله واعتباره من مواد سكراب انتهى عمرها الافتراضي!

إذا كانت الدولة فعلاً جادة في النهوض بالثقافة وتاريخها على شتى المستويات، فهذه المقتنيات ممكن إعادة اقتنائها من المواطن الكويتي محمد البناي، الذي تمكن بجهد شخصي ومن حسابه الشخصي المحافظة على مقتنيات ثمينة لم تعرف قيمتها وزارة التربية!

في حال تعذر تواصل الحكومة العليلة مع الأخ محمد البناي، فمن الممكن التواصل معه عبر جمعية التراث الكويتية، بصفته عضواً فيها، لعل الحكومة تتشافى قليلا من قصر النظر وبُعده أيضاً.