حلقت ثلاث طائرات قيادة استثنائية في الأجواء الأمريكية، كمؤشر إلى استعداد أمريكي لأسوأ الاحتمالات إذا تطورت الأزمة الأوكرانية إلى التصعيد العسكري، بينما كانت غواصات روسية تمخر تحت الماء بالقرب من نيويورك، ما دفع بأعضاء في الكونجرس إلى دعوة البنتاجون إلى إرسال سفن إلى البحرين المتوسط والأسود كرد على الوجود الروسي قرب المياه الأمريكية.
تحليق الطائرات القيادية الأمريكية غير عادي، لأنها تستخدم في الحرب النووية، وكذلك فإن الغواصات الروسية يمكن تسليحها بصاروخ «تسيركون» الروسي الفرط صوتي، وهو صاروخ يحمل رؤوساً نووية. وفي الوقت ذاته وصلت إلى أوكرانيا المزيد من شحنات الأسلحة الغربية، وأجرت كييف مناورات عسكرية براجمات الصواريخ قرب شبه جزيرة القرم التي سيطر عليها الروس سابقاً.
التطورات الميدانية الأوكرانية، تزامنت مع تصريح للرئيس الأوكراني زيلينسكي عن خطة لتجنيد مئة ألف جندي في الجيش، فبعد تصريحات معتدلة تدعو إلى الحل الدبلوماسي، صرح بها الأسبوع الماضي ودعا فيها الغرب والإعلام إلى التوقف عن بث الذعر في بلاده وكأن الحرب دائرة، تصلب الرئيس الأوكراني فجأة بعد أن سمح لمسؤولة في وزارة الدفاع بالقول إن الأنباء الأمريكية المنقولة عن ضباط كبار في البنتاجون من أن روسيا أرسلت وحدات دعم لقواتها على الجبهة استعداداً للحرب، هي محض افتراء، عاد إلى دائرة التصلب وأعلن أن إقليم دونباس ذي الأغلبية الروسية لن يحظى بأية امتيازات. وكان وضع الإقليم طبقاً لاتفاق وقف إطلاق النار في مينسك يبقى محل تفاوض مع الأخذ بخصوصيته.
وفي المقابل تحاول فرنسا لعب دور الوسيط العاقل بعد مكالمتين أجراهما الرئيس ماكرون مع نظيره الروسي بوتين الذي أكد فيهما أن روسيا لا تريد الحرب، وتسعى إلى حل سياسي. لكن الروس أمام التعنت الغربي نشروا نص رسالة وزير خارجيتهم لافروف التي أرسلت إلى الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة، وفيها يؤكد أن الأمن لا يتجزأ، وأن مطالب روسيا تم إهمالها رغم وجود عدة اتفاقات سابقة في ميثاق الأمن الأوروبي واتفاق إسطنبول وآستانة حول ذلك. بعدما اتّهم الرئيس الروسي الغرب، بمحاولة جر بلاده إلى الحرب، ترك الباب مفتوحاً أمام عقد مزيد من المحادثات.
وشهدت الأسابيع الأخيرة جهوداً دبلوماسية حثيثة لمنع اجتياح روسي لأوكرانيا، بعدما حشدت موسكو عشرات آلاف الجنود عند حدود جارتها الموالية للغرب. وحذّر قادة الحلف من أن أي اعتداء سيقابل ب«عواقب شديدة» تشمل عقوبات اقتصادية واسعة النطاق.
وتنفي روسيا أي خطط لاجتياح جارتها، وتتهم الغرب بالفشل في احترام مخاوفها الأمنية عند حدودها. وحدد مسؤولون روس مجموعة من المطالب لخفض التوتر، تشمل فرض حظر على انضمام أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي أو نشر أنظمة صاروخية عند الحدود الروسية، وسحب قوات حلف الأطلسي في شرق أوروبا.
وفي أبرز تصريحات يدلي بها بشأن الأزمة منذ أسابيع، اتّهم بوتين الغرب بتجاهل مطالب بلاده، وأشار إلى أن واشنطن تستخدم أوكرانيا كأداة لجر موسكو إلى نزاع. وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، إن «أوكرانيا نفسها ليست إلا أداة لتحقيق هذا الهدف» المتمثّل بالسيطرة على روسيا.
ولفت بوتين إلى أن الرئيس الفرنسي ماكرون، قد يزور موسكو في الأيام المقبلة. وفي المحصلة ما زالت الأزمة تترنح بين الحلين الدبلوماسي والعسكري ويعتقد الكثيرون أن تلبية مطالب روسيا، تعني لجم حلف الناتو، بينما يرى آخرون أن هذه المعركة هي معركة بوتين التي قد تطيل عمره في الرئاسة في حال تحقيقه أي إنجاز فيها.
التعليقات