تشهد مدينة نيويورك الأميركية، اليوم الخميس، انطلاق اجتماع رفيع المستوى للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، حول سلامة وأمن الطرق، برعاية رئيس الجمعية العامة للمنظمة، وبحضور رؤساء الدول والحكومات، وأعضاء البرلمانات، ورؤساء الحكومات المحلية، بالإضافة إلى ممثلي منظمات ومؤسسات الأمم المتحدة المعنية، ومنظمات المجتمع المدني، وأساتذة الجامعات والخبراء المتخصصين، والنقابات المهنية، وممثلي القطاع الخاص أيضاً.

ويقع هذا الاجتماع ضمن نطاق وصلاحيات قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (A/RES/74/299) الصادر في 31 أغسطس 2020، والهادف إلى رفع وزيادة مستوى الأمن والسلامة على طرقات دول العالم كافة، كأحد أهم مرتكزات أجندة 2030 للتنمية المستدامة، والتي تضمنت هدف خفض الوفيات والإصابات والإعاقات الناتجة عن حوادث الطرق بمقدار النصف على الأقل بحلول عام 2030، من خلال العمل الجاد والدؤوب، واعتماد السياسات والتشريعات والإجراءات الضرورية خلال العقد الممتد من 2021 إلى 2030، والذي أصبح يعرف بعقد السلامة على الطرقات (Decade of Action for Road Safety).

ويأتي هذا الاجتماع في وقت تشير فيه الإحصائيات والبيانات إلى أن 3500 شخص يلقون حتفَهم يومياً، بسبب حوادث الطرقات، وهو ما يترجم إلى 1.3 مليون وفاة سنوياً كان من الممكن تجنبها، بالإضافة إلى 50 مليون إصابة وإعاقة شديدة سنوياً.. مما يجعل حوادث الطرق تحتل مرتبةً متقدمةً على قائمة أسباب الوفيات بين أفراد الجنس البشري، بل على رأس قائمة أسباب الوفيات بين الأطفال والمراهقين والشباب.

ويقدّر أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه حالياً، فسيلقى 13 مليون شخص حتفهم، ويصاب 500 مليون آخرين بإصابات خفيفة أو إعاقات شديدة، بحلول نهاية العقد الحالي. وهو ما يعتبر استمراراً للتاريخ المرير للجنس البشري مع السيارات وحوادثها، حيث يقدَّر أنه منذ اختراع السيارات، تسببت وسيلة النقل الحديثة هذه في وفاة 50 مليون شخص.

ومما لا شك فيه أنه ليس من المنطقي أو المقبول أن يظل الجنس البشري يتحمل هذا العبء الهائل، المتمثل في ملايين الوفيات وعشرات الملايين من الإصابات، ثمناً للاستفادة من وسائل النقل الحديثة، وبالتحديد السيارات والحافلات والدراجات النارية، خصوصاً في ظل توفر طرق وسبل معروفة وفعالة لتحقيق الوقاية ضد الغالبية من تلك الحوادث.

ويعتمد بشكل كبير تفعيل هذه السبل والإجراءات على قيادة سياسية ومجتمعية مسؤولة وفعالة، وإن كان هذا لا يستثنى أو يقلل من أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه باقي أفراد المجتمع، من آباء، ومدرسين، وطلاب، وموظفين، ومتطوعين، ومواطنين عاديين، حيث يمكن للجميع دون استثناء لعب دور في رفع مستوى السلامة على الطرقات، وهو ما من شأنه أن ينقذ حياة الملايين، وأن يحمي عشرات الملايين الآخرين من الإصابات الجسيمة.