تشير الإحصائيات والبيانات الدولية إلى أن مليار شخص، أي واحد من كل سبعة أشخاص تقريبا، يعاني شكلا أو آخر من أشكال الإعاقة، منهم 190 مليونا فوق سن الخامسة عشر، يعانون جميعهم من إعاقات شديدة تتطلب رعاية صحية متخصصة.
هذه الأرقام مرشحة للازدياد مستقبلا، كنتيجة التغيرات الديموغرافية المرتقبة، وبسبب ازدياد معدلات انتشار الأمراض المزمنة غير المعدية، وغيرها من الأسباب.
وكثيرا ما تكون الإعاقة نتيجة ظروف مجتمعية محيطة، مثل النظرة السلبية من الآخرين والمجتمع ككل، أو عدم توفر وسائل النقل المناسبة للمعاقين، أو قصور الدعم الاجتماعي عن تلبية الاحتياجات الخاصة للمعاق.
وتكمن المشكلة لدى بعض الدول في أن الإعاقة لا يُنظر إليها غالباً على أنها مشكلة صحية، وبالتالي لا يتم تفعيل الإجراءات والتدابير الكفيلة بتمكين أصحاب الهمم في نظم الرعاية الصحية الوطنية، وهو ما يتم إغفاله حتى في الاستراتيجيات الوطنية وخطط العمل الهادفة إلى تطبيق ومراقبة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بحقوق المعاقين، والتي يعتبر من أهم مبادئها عدم إهمال وتجاهل أي معاق أينما كان، من خلال بناء مجتمعات أفضل تقبلاً وشمولاً للمعاقين، وخصوصاً في ظل تداعيات الجائحة، كما أنها تلزم الدول بسن القوانين والتشريعات، الكفيلة بتمكين أصحاب الإعاقات من المشاركة المجتمعية، ومنحهم الحقوق نفسها التي يتمتع بها الأصحاء، في مجالات التعليم والعمل والنشاط الثقافي، وملكية العقارات ووراثتها، وعدم منعهم أو التمييز ضدهم عند الزواج، أو إخضاعهم لأبحاث ودراسات طبية دون موافقتهم.
ولذا، إذا ما كان لهدف بلوغ أعلى معايير الصحة والعافية لجميع أفراد المجتمع أن يتحقق، فلابد أن تتفهم الحكومات والمؤسسات الوطنية الحاجة إلى تغيير جذري في المفاهيم، وإدراك حقيقة أن أهداف الصحة العامة على المستويين الوطني والدولي، لا يمكن لها أن تتحقق إلا إذا أصبح تمكين وتضمين أصحاب الهمم في نظم الرعاية الصحية، وذلك من خلال اتخاذ التدابير الكفيلة بأن لا تصبح الرعاية الصحية عبء مادي ومالي لا يطاق على المعاق، وأن تتم حماية أفراد هذه الفئة بشكل كاف خلال الطوارئ الصحية، مع التأكيد على توافرهم على البنية التحتية لمحددات الصحة العامة، مثل المياه الصالحة للشرب الخالية من الأمراض، ونظم الصرف الصحي الحديثة، وباقي خدمات النظافة.
وهو ما يحتل أهمية خاصة في ظل حقيقة أن أصحاب الهمم كثيرا ما يحرمون من الرعاية الصحية، ويتعرضون للمعاملة السيئة في هذه النظم، وبمعدلات مرتفعة جدا مقارنة بباقي أفراد المجتمع، هذا بالإضافة إلى أنهم عرضة بنسبة أكبر لتحمل نفقات ومصاريف مالية لا يطيقونها.