انبعثت شرارة الإصلاح السياسي والاجتماعي في إيران وسط اجتياح اللون الأحمر لنزيف الدماء الناجم عن احتجاجات شعبية مدنية واسعة، فجرها مقتل الشابة الكردية مهسا أميني بعد اعتقالها من قبل ما يسميه النظام الإيراني بـ «شرطة الأخلاق»!
واصلت تظاهرات واحتجاجات ثائرة بين شرائح وفئات الشعب الإيراني وخاصة الشباب وطلبة المدارس والجامعات لتعم كل انحاء إيران بحسب مقاطع فيديو شعبية، في ظل تعتيم إعلامي رسمي لما يجري في إيران اليوم نتيجة خضوعه لسيطرة شتى القوى العسكرية والباسيج والحرس الثوري.
واتسعت دائرة الاستياء والغضب في إيران تزامناً مع التطورات الاحتجاجية الإيرانية المتسارعة على مختلف المستويات الإيرانية الشعبية بما في ذلك القوى المعتدلة دينياً من الجنسين ولاسيما المرأة المحجبة، وهو ما يعزز الشرعية للمطالب الثورية الإيرانية.
تحت شعار «المرأة.. الحرية.. الحياة»، شقت ثورة اجتماعية يتقدمها النساء ضد سياسة الملالي في إيران، تلك السياسة التي ترتكز على تصدير ثورة متخلفة تستهدف المحيطين الخليجي والعربي تحقيقاً لأهداف فارسية!
واصل المتظاهرون المدنيون الإيرانيون للشهر الأول احتجاجات واسعة النطاق وصلبة في مواقفها ضد السلطة.
ما تشهده ايران ليس حركة تمرد صغيرة لعدد من «المشاغبين والذباب»، كما وصفها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بل هي ثورة شعبية ضد فرض قيود اجتماعية متشددة للغاية فاقت التعسف والتزمت لتصل إلى وأد الحريات وقتل البعض !
واخترقت التسريبات الإعلامية لمشاهد حملات القمع وعمليات العنف الممنهجة ضد النساء خاصة، التي لم يتمكن النظام الإيراني من السيطرة عليها، وهو ما حفز الإعلام الغربي على التفاعل بتبني التسجيلات العشوائية لعرضها على المجتمع الدولي بهدف حشد التفاعل مع ثورة المرأة الإيرانية، التي عبرت إيران عبر الانترنت قبل القطع المتعمد من السلطات الإيرانية.
ثمة بعد اقليمي إيجابي للاحتجاجات والتظاهرات الإيرانية الثورية المُستمرة في إيران ضد نظام الملالي، فمن الممكن جداً والمأمول سياسياً وعسكرياً أن تقود المجاميع الثورية الإيرانية إلى تصدع النظام الإيراني وكذلك الأحزاب والتنظيمات الطائفية الموالية له في العراق ولبنان واليمن وسوريا للقضاء على ميليشيات طهران في بقع التوتر الخليجي والعربي ككل.
تتعزز حاجة الشعب الإيراني الماسة للدعم من الجوار العربي والإسلامي بهذه التطورات الاستثنائية، التي تعصف بإيران منذ شهر دموي لنقل حقيقة ما يجري في إيران ودعم الثورة الاجتماعية الإيرانية من أجل أن يستعيد هذا البلد قواه المدنية للخروج من عباءة الملالي والاضطهاد للشعب ووقف نزيف الصراع المذهبي الدموي.
فمن الخطورة بمكان أن تنتشر صورة مغايرة للواقع الحالي في إيران، ولما يروجه النظام الثوري الخميني تحديداً من مزاعم باطلة حول وجود عناصر متمردة ضد «الإسلام والدين»، فمشاركة النساء المحجبات في التظاهرات والاحتجاجات الشعبية تبرهن على مطالب اجتماعية وثقافية واقتصادية مشروعة.
ليس مبرراً الانغماس العربي والإسلامي بتناول سطحي وعلى خجل للتطورات العاصفة في إيران، فما يجري بإيران اليوم سيصب بنهاية المطاف في مصلحة الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ككل ورخاء الشعب الإيراني خاصة بعد سنوات من التدهور الاقتصادي والاجتماعي.
التعليقات