اقتربت مني حفيدتي الصغيرة وقالت: يبة ليش الطيارة واقفة؟ سؤال عفوي، الطائرة تطير بسرعة 920 كيلو متر في الساعة وعلى ارتفاع 39 ألف قدم عن سطح البحر. السبب الرئيس في هدوئها السماء زرقاء وتطير فوق البحر ولا يوجد أي اهتزازات. المطبات الهوائية هي غيوم كبيرة وكثيفة تمر عبرها الطائرة وتحدث اهتزازات مختلفة الشدة بجسم الطائرة مما يثير الذعر بين ركاب الطائرة التي تتحمل درجات من حيث خطورتها بين الخفيفة والمتوسطة والشديدة والمفرطة في الشدة. إنه رهاب الطيران لا تخف حين تعرف إنه اعتيادي في الطيران، فالمعرفة سلاح قوي لمجابهة هذا الخوف. فطرة الخوف مغروسة في دواخلنا نحن البشر (الخوف من الموت غريزة حية لا معابة فيها.. وإنما العيب أن يتغلب هذا الخوف علينا ولا نتغلب عليه) عباس محمود العقاد.

في مفاصل حياتنا نواجه الكثير من المنغصات والمطبات والألم والمشكلات على اختلاف ألوانها، نواجه المطبات المفاجئة التي لا نتوقع حدوثها، هناك من يشعر بالخوف على اختلاف مستوياته، وهناك من يتحمّل تلك المطبات، وهناك من تعيش معه تلك المطبات فترة زمنية طويلة، وهناك من يقابلها بردة فعل غير متوقعة، وهناك من يُكبّر ويعظم ذلك المطب الصغير وتلك الهفوة. أيها الإنسان لماذا تقسو على نفسك من مطبات صغيرة في حياتك، أما إذا كانت كبيرة فعليك تجاوزها بالصبر والحكمة والروية، الطائرة تتجاوز المطبات الهوائية وبعد ذلك يستقيم حالها وتهدأ. أكيد الطائرة جماد لكنها معقدة التركيب وإحساسها في صندوقها الأسود مع أنه ليس أسود اللون. مركز القلق والخوف عند الإنسان هو الدماغ فلماذا نؤثر في مشاعرنا ونصيب أنفسنا بالحالة النفسية ونسبب اضطرابات خفقان القلب، وسرعة نبضاته، وألمًا في الصدر. الحكيم هو الذي يتحكم بما يمر في حياته ويتجاوزها فعمر الإنسان قصير قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك». رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

ليس هناك أي شك، وفي رأيي الشخصي، أن انكسار القلب يفوق الألم الجسدي الذي ينتج عن صفعة يتلقاها الإنسان، إذ أثبت علماء في جامعة «أبردين» الاسكتلندية، أن أصحاب القلب المكسور نتيجة الإصابة النفسية، من المحتمل ألا يتعافوا أبداً، والتي سببها صفعة حلتْ على الإنسان. من أشد الصفعات ألماً وقوة حين تأتيك من إنسان له معزّه ومحبة، من أخ أو أخت أو قريب، كم هو مؤلم أن يؤلمك ولا يعي ما فعل، أو يعي ذلك وتجاهل. ليس هناك أصعب من الخذلان وجرح القلب، وتلك الألفاظ والعبارات والنظرات المؤذية. «الخسارة مؤلمة: لكن الخذلان بمن وثقت بهم أشد ألماً». ويليام شكسبير.

همسة: «أعيش ألم صفعة أحاول أتناسى الصافع لكنني لمْ أستطع». رغم اختلاف المطبات في حياتنا علينا تجاوزها ومحاولة نسيانها لنخرج من دائرة القلق والخوف.