«فقط خلوكم مرتاحين العبو لعبكم واستمتعوا في البطولة إللي أبغاه منكم إنكم تلعبون لعبكم المريح … ما أبغى أي أحد يكون تحت ضغط نفسي يؤثر على أدائكم الطبيعي»؛ بهذه الكلمات الموجزة خاطب سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- لاعبي المنتخب السعودي الأول لكرة القدم المشاركين في تصفيات مونديال قطر لبطولة كأس العالم، فظهر مفعول هذه الكلمات فعلاً في أداء اللاعبين العالمي والمُبهِر وبكل ثقة وطمأنينة وكانت النتيجة التي أدهشت العالم وفاجأت المحب والحاسد على حد سواء، فلأول مرة يتفوق منتخب عربي على منتخب الأرجنتين العريق في حصد البطولات العالمية والزاخر بنجوم الكرة العالمية.

هذا الفوز التاريخي الذي حققه المنتخب السعودي قد تجاوز فيه فرحة ونشوة الفوز والقيمة الرياضية الوقتية إلى إذكاء مشاعر الولاء وتعزيز الروح الوطنية والاعتزاز بالمنجز السعودي الكثير إلى إذكاء الكثير من مشاعر الأخوة العربية والإسلامية وحصد إعجاب العالم، فكان هذا الفوز المادة الإعلامية الأعلى تناولاً وانتشاراً في محتوى السوشيال ميديا والوسائل الإعلامية المختلفة خلال الأسبوع الماضي من مقاطع وصور وحتى الأهازيج التي كان يطلقها ويترنم بها الجمهور السعودي لتنتشر عالمياً ويتغنى بها حتى الأجانب بصورة عفوية وتلقائية، فضلاً أن الرياضة ترسل سلوك المجتمع وثقافته بشكلٍ عفوي فما قدمه الجمهور السعودي وأدهش العالم فيه العالم كذلك بأخلاقياته وسلوكياته تداولته وسائل الإعلام أيضاً وهو يعكس العالم الصورة المشرقة للشعب السعودي.

هذا ما يُثبت أن الرياضة ليست مجرد لعب ومنافسة وخسارة أو فوز؛ فقد عرف العالم البرازيليين والأرجنتنيين من خلال الرياضة أكثر مما عرفوهما من خلال الإعلام وكتب التاريخ، الرياضة أوصلت ثقافتهما بكل محتوياتها والرياضة بالنسبة لهم هي ناتجهم القومي الأساسي.

«نشارك من أجل مخالفة التوقعات في كل نسخة من كأس العالم تحدث مفاجآت كثيرة ونأمل في أن نحقق واحدة»، فرغم أن حدس مدرب المنتخب السعودي الفرنسي هيرفيه رونار في مكانه لأن الصقور الخضر فجّروا إحدى أكبر المفاجآت في تاريخ نهائيات كأس العالم ملحقين خسارة تاريخية بالأرجنتين المرشحة لإحراز مونديال قطر مع نجمها العالمي ليونيل ميسي بفوز سعودي تردّد صداه في مختلف أنحاء العالم، كانت رسالة المملكة الرياضية أبعد من حدود ومساحة المستطيل الأخضر العالمي، رسالة السعودية التي حققتها بلا حدود كانت عابرة لكل القارات رسالة تتمثل فيها بكل قوة واقتدار القوة الناعمة السعودية وعكست صورة الهوية السعودية ومن خلال الرسالة الرياضية الإعلامية التلقائية بأضعاف ما تؤديه الوسائل الأخرى.

إن مشاهدة ‫ما حققه فوز المنتخب السعودي على الأرجنتين ونجاحه المتجاوز لهدفه الرياضي من مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية وشعبية عالمية حققت للوطن هدفه الأسمى وعكست الصورة الحقيقية عن السعودية وثقافتها وقيمها العالمية يؤكد أن ‫الرياضة‬ السعودية غدت اليوم إحدى أهم القوى الناعمة التي تملكها ‫السعودية‬ وهذا الفوز وهذه المستهدفات التي تمت خلاله هي إنجاز عالمي آخر يضاف إلى إنجازات المملكة العربية السعودية التي تتوالى تباعاً مع ظهور الرؤية الوطنية التي تعهد بتطبيقها ورعايتها ومتابعتها عراب الرؤية وملهم العالم وطموح الشعوب وأمنيتها سمو ولي العهد -حفظه الله-.