تبدأ البحرين مع احتفالاتها بعيد الجلوس والعيد الوطني هذا الشهر، مرحلة جديدة في مسيرتها الديمقراطية والمشاركة الشعبية في الحكم بعد الانتخابات التي جرت في اكتوبر الماضي التي حملت عناوين مهمة منها الاستمرارية والنتائج المبهرة من حيث الكثافة العددية المشاركة في التصويت والتي بلغت 73% وهي نسبة عالية جدًا في معايير المشاركات الانتخابية دوليًا اضافة الى نتائج الانتخابات التي اظهرت تغييرًا شاملاً في الوجوه الجديدة التي تم انتخابها من قبل الشعب وفوز المرأة بمقاعد وصلت الى تسعة مقاعد في البرلمان الجديد لتؤكد التطور المتصاعد في المسيرة الديمقراطية المميزة التي يرعاها صاحب الجلالة الملك المعظم منذ تولى مقاليد الحكم حاملاً معه رغبة أساسية في أشراك الشعب في عملية اتخاذ القرار، وأيماننا من جلالته بأهمية الديمقراطية وتكريس الممارسة الواسعة لها، فدشن جلالته مشروعه الطموح المتمثل في ميثاق العمل الوطني الذي حمل رؤية جلالته ورؤية الشعب للعمل النيابي والديمقراطية الفاعلة في البحرين.

من الأمور اللافتة في انتخابات البحرين 2022 ما يلي:

1- جاءت الانتخابات الحالية التي جرت في اجواء انتخابيه نموذجية وراقية جدا لتؤكد سلسلة الاستمرارية والإيمان من القيادة العليا في البحرين بأهمية الانتخابات ومشاركة المواطن في ادارة شؤون البلاد، وهي انتخابات تاريخية بمعنى الكلمة لانها تعكس التواصل بين الماضي والحاضر.. تعكس إيمان القيادة السياسية في البحرين منذ أول تجربة للحراك الديمقراطي في البحرين في عهد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة في ثلاثينات القرن الماضي، وذلك من خلال تأسيس مجلس الشورى في البحرين التي تمثل مرحلة هامة في تاريخ البحرين حيث جرت اول مشاركة شعبية لمجلس الشورى والانتخابات التي شاركت فيها المرأة. وبذلك فنحن امام صورة جميلة جدا للتاريخ الانتخابي واستمراره منذ تلك الفترة الى يومنا هذا في ظل الرعاية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم الذي ادرك اهمية الربط بين الماضي والحاضر.

2- المشاركة الشبابية - وأقصد هنا الشباب والشابات - العالية في هذه الانتخابات بما يؤكد ارتفاع الوعي الانتخابي لدى الشعب البحريني الذي كان عاملاً حاسمًا ومهمًا في قلب الموازين في دوائر او قلاع انتخابية لبعض النواب الذين كانوا متأكدين جدًا من الفوز في دوائرهم، كما ان النتائج افرزت وجوهًا جديدة تدخل لاول مرة وتعكس مشهدًا حضاريًا رائعًا من حيث مشاركة جميع فئات المجتمع من الشباب والسيدات وكبار السن وذوي الهمم خلال عملية التصويت بما يؤكد حرص المواطن البحريني على دعم مسيرة الخير والعطاء والتقدم في جميع المراحل من اجل صناعة المستقبل الجميل.

3- تمكنت إحدى عشرة امرأة بحرينية من تحقيق رقم غير مسبوق في تاريخ الانتخابات النيابية والبلدية، بعد أن فازت ثمان نساء بعضوية مجلس النواب وثلاث بمقاعد المجالس البلدية وقد ارتفع عدد النساء في المجلس النيابي بنسبة 33.33% مقارنة بالمجلس السابق الذي تم إعادة انتخاب عضوة واحدة منه فقط. واللافت للنظر هو اعتمادا المرأة البحرينية اعتمادًا كاملاً على حملاتها المستقلة وبرامجها الانتخابية دون الحصول على دعم الدولة كما هو الحال في بعض الدول من حيث تخصيص عدد معين من المقاعد للمرأة في البرلمان. وبهذه الصورة الجميلة للانتخابات يستطيع المراقب ان يدرك حقيقة واحدة وهي ارادة شعب البحرين في المضى قدمًا نحو البناء والتطوير من اجل مجتمع اكثر قوة وإشراقًا.

وكشفت نتائج التصويت في الانتخابات، والتغييرات الكبيرة التي طرأت على تشكيلة المجلس النيابي والمجالس البلدية المنتخبة، عن ملامح جديدة عكست خيارات الشارع البحريني في هذه المرحلة وما تشهده من تحديات مختلفة، والتي ستنعكس بدورها على طبيعة العمل الوطني ككل في المرحلة المقبلة، ولعل من أبرز هذه الملامح أن الانتخابات شكلت انعكاسا واضحا لرغبة الشعب البحريني في التغيير، من خلال ممارسة حقه الديمقراطي وصلاحياته الدستورية، وفق أعلى درجات النزاهة والشفافية، حيث بلغ عدد النواب الجدد 30 نائبًا من أصل 40 نائبًا هم عدد أعضاء مجلس النواب، وذلك نتيجة لاعتبارات وقناعات مرتبطة بتوجهات الناخبين ومدى اقتناعهم ببرامج المترشحين الانتخابية، أو في ضوء نظرة الناخب ورؤيته لمنجزات النواب الجدد ومدى قدرتهم على مواصلة تحقيق طموحات الناخب تحت قبة البرلمان، وهو ما يضع على عاتق النواب الجدد مسئولية كبيرة في أن يكونوا على قدر هذه المسؤولية الوطنية وأن يثبتوا أنهم كانوا الخيار الأفضل والعمل باستقلالية بعيدا عن أية تأثيرات او ضغوطات والتركيز الكامل على تحقيق مصالح ناخبيهم وهمومهم المعيشية التي من اهمها: الاسكان ووضع آلية لكبح جماح ارتفاع الاسعار والزيادة العامة في الرواتب والمتقاعدين ووضع الخطط الاقتصادية للحد من الانفاق بعيدًا عن الاضرار بالمواطن.