لا يذكر اسم المخرج حسن رمزي إلا ويذكر معه تاريخ طويل للرجل، ليس فقط في حقل الإخراج والإنتاج السينمائي الذي امتهنه، وإنما أيضا في حقول أخرى انخرط فيها وضحى بالكثير من أجلها.

ولد رمزي في 17 يونيو 1912 بالقاهرة في عائلة ميسورة. فوالده هو إسماعيل باشا رمزي، مدير مديرية القاهرة ومديرية أسيوط الأسبق والذي شغل قبل وفاته سنة 1951 منصب وزير الأوقاف في العهد الملكي، وكان معروفًا بتسامحه وعقلانيته بدليل أنه ترك لابنه حرية اختيار طريقه في الحياة، وعمه هو الأديب والكاتب المسرحي إبراهيم بك رمزي (1884-1949) الذي يعد من مؤسسي فن القصة القصيرة ومن رموز الرواية التاريخية في مصر.
بعد تخرجه من ثانوية أسيوط، التحق بكلية الهندسة التي تخرج منها عام 1935، فعمل في مستهل حياته بوظيفة مهندس تخطيط لمدينة القاهرة بمصلحة التنظيم، وترقى فيها إلى منصب مفتش عام التخطيط فمنصب مدير عام مصلحة التنظيم فنائب لوزير الإسكان، وبصفته تلك ساهم في مشروعات عدة لتجميل وجه القاهرة، منها مشاريع كوبري الجامعة، وإعادة تخطيط مداخل العاصمة، وإنشاء مدن وأحياء الأوقاف ومدينة نصر والمقطم وتلال زينهم ونفق العباسية ونقل تمثال «نهضة مصر» من ميدان رمسيس إلى ميدان الجامعة وغيرها.
لم يتخل طوال فترة عمله الحكومي عن عشق الفن والسينما الذي استولى على مشاعره منذ مرحلته الثانوية حينما كان عمه يصطحبه معه إلى كواليس المسارح في لقاءاته بأصدقائه من عمالقة الفن والتمثيل مثل يوسف وهبي وجورج أبيض ونجيب الريحاني. فمذاك تعلق بالفن، بدليل أنه أسس وترأس فرقة للتمثيل في مدرسته الثانوية، ثم قام في مرحلته الجامعية بممارسة التمثيل على خشبة المسرح الجامعي، علاوة على قيامه بتأسيس جمعية داخل الجامعة للتصوير الفوتوغرافي.
وبسبب ما كان يتمتع به من وسامة ووجاهة اجتماعية، استولت عليه فكرة أن يصبح نجما سينمائيا لامعا، فطرق أبواب مكتب الريجسير المعروف قاسم وجدي الذي أدخله السينما ككومباس يظهر في مشهد أو مشهدين صامتين. فكان أن ظهر بتلك الصفة في أفلام: عاصفة على الريف/‏1941 لأحمد بدرخان، مصنع الزوجات/‏1941 لنيازي مصطفى، ممنوع الحب/‏1942 لمحمد كريم، أحب الغلط/‏1942 لحسين فوزي. وحينما تيقن أن تلك الأدوار الهامشية لن تحقق له طموحاته الفنية، أقدم في عام 1942 على تأسيس شركته الخاصة للإنتاج السينمائي تحت اسم «أفلام النصر» برأسمال جمعه من زملائه المهندسين. وكانت باكورة أفلام الشركة هي فيلم «خفايا الدنيا» للمخرج إبراهيم لاما، والذي وقف فيه كبطل أمام النجمة المسرحية سامية فهمي. غير أن الفيلم لم يحقق النجاح المنشود، وهو ما دفع صاحبنا إلى أن يطلق التمثيل ويركز على الإنتاج والإخراج والتأليف.
في بداية الخمسينات لاحظ صاحبنا وجود صراع حاد في الصناعة السينمائية أطرافه شركات الإنتاج وشركات التوزيع وأصحاب دور العرض وملاك استوديوهات التصوير وأصحاب معامل الطبع والتحميض، فلاحت له فكرة جمع هذه الفئات في كيان واحد، وتمكن بالفعل سنة 1947 من جمعها في «غرفة صناعة السينما» التي ترأسها مذاك وحتى وفاته. ثم أسس ما سمي بـ«اتحاد السينمائيين» الذي ترأسه ودفع رأسماله بنفسه، وكان تجمعا ضخما ضم الممثلين والمخرجين وكتاب السيناريو والقصة وكبار الروائيين، لكنه توقف عن العمل بعد أن قدم ستة أفلام ناجحة فنيا منها: «لن أبكي أبدًا» و«شمس لا تغيب»، وذلك بسبب مشاكل رأس المال ومحاربة المنتجين للكيان خوفًا على مصالحهم.
وفي عام 1958 وهو في السادسة والأربعين، استقال من وظيفته الحكومية بعد أن خيره وزير الإسكان بين الاحتفاظ بها وبين الانصراف إلى أعباء المناصب الفنية القيادية التي كان يتولاها آنذاك في عالم السينما، فاختار أن يترك وظيفته العمومية من بعد 23 سنة من الخدمة دون تعويض أو مكافأة أو حتى معاش.
وقبل وفاته في 19 فبراير 1977 وهو يدافع عن حق السينما والسينمائيين داخل مجلس الشعب المصري بصفته برلمانيا منتخبا، كان رمزي قد أنتج 30 فيلما من خلال شركته (شركة أفلام النصر للإنتاج السينمائي)، وأخرج 15 فيلمًا منها الغنائي والعاطفي والاجتماعي والرومانسي وهي: خاتم سليمان، أميرة الجزيرة، ماكانش عالبال، المعلم بلبل، بشرة خير، انتصار الحب، أحلام الربيع، الهاربة، المرأة المجهولة، معا إلى الأبد، الليالي الدافئة، ملكة الليل، العاطفة والجسد، الرداء الأبيض، أبدا لن أعود، امرأتان. كما كتب السيناريو لأفلام أخرجها زملاؤه مثل: «المخربون» لكمال الشيخ، و«جريمة في الحي الهادي» لحسام الدين مصطفى، و«المرأة الأخرى» لأشرف فهمي.
عرف عن رمزي حرصه على إنتاج وإخراج الأفلام بدقة شديدة، ومثال ذلك أنه حينما أخرج أول أفلامه (خاتم سليمان) سنة 1947 طلب من مهندس الديكور أن يبني له في الاستوديو صالونا لقصر الباشا المفترض، فنفذ الأخير المهمة بتكلفة 2000 جنيه، وحينما شاهد رمزي الديكور لم يعجبه وأمر بهدمه وأنفق ألفي جنيه أخرى لإعادة بنائه. وتكرر الأمر بطريقة أخرى في فيلم «الهاربة» عام 1958 والذي أنتجته شركته بتكلفة 18 ألف جنيه وعهد بإخراجه لصديقه وأستاذه أحمد بدر خان. فبعد أن شاهد الفيلم في عرض خاص، لم يعجبه وأحرق شريطه وقرر أن يعيد إخراجه بنفس التكلفة مجددًا.
والمعروف أن رمزي تزوج مرة واحدة من خارج الوسط الفني، حينما اقترن ببرلنتي العشري كريمة زميله المهندس في تفتيش تخطيط القاهرة محمود العشري التي تعرف عليها من خلال شقيقها محمد العشري حينما كان الأخير يعد رسالة ماجستير عن اقتصاديات السينما، علمًا بأن برلنتي مثلت فيلمًا واحدًا كتبت بنفسها قصته وأخرجه زوجها عام 1955 وهو فيلم «أحلام الربيع» من بطولة كمال الشناوي ومديحة يسري. والمعروف أيضًا أن برلنتي أنجبت له ولده محمد الذي ورث شركة أفلام النصر وعمل مخرجًا، وابنته الفنانة المعتزلة «هدى رمزي».