لماذا يسرق الناس ليحصلوا على أشياء ليست لهم، لأسباب كثيرة، لأنهم لا يستطيعون الحصول عليها بالطرق القانونية. لا يمكنني الآن أن أتحدث عن السرقة بالمجمل، لكنني أعتقد أن غالبية الناس يستنكرون السرقة ويعدونها من أرذل الأشياء التي يمكن لشخص أن يمارسها.

والآن، لنتحدث عن السرقة الفكرية، وبالأخص عن السرقة الأدبية، لماذا تحدث، ما أسبابها، ولماذا يمارسها البعض. مسألة تشغل التفكير، لأن الأدب في ذاته هو قيمة كبيرة ومن يقترب منها لابد أن يكون شخصاً يعرف ما قيمة الأدب، وكيف هو نتاج فكر، وقراءة وممارسة ذات مستوى عال يصل إليها المرء لأنه يعي أهميتها، أو لأن هناك شغفاً وتوقاً تهفو نفسه إليه، لا يكتمل إلا بمحاولة اقتراف ذلك. إذن، أعود للسؤال، كيف بمن يعي، أهمية الأدب، أو يعرف، أن ذلك شيء لا يمكن الوصول إليه إلا بأن يكون نتاج ذاته وفكره، كيف يستطيع أن يسرق أفكار ونتاج أديب وينسبه إلى نفسه. ما الذي يدفع شخصاً إلى فعل ذلك، وكيف يمكنه تبرير ذلك الفعل. وما المسوغات التي يخدع بها نفسه لفعل ذلك؟

السرقة هي السرقة، هل يمكن لمن يسرق كتابة شخص، أن يكون متسامحاً مع شخص يسرق ماله، بيته، سيارته، أو أي شيء يملكه. كيف ستكون ردة فعله. إذا كان لا يمكنه استيعاب ذلك، لماذا يمكنه أن يسطو على أدب شخص آخر وينسبه لنفسه.

التهاون في شأن السرقات الفكرية يعني التهاون في شأن كل أنواع السرقات، يعني الفوضى والتهاون في كل شيء، يعني أن لا شيء يهم، يعني أن تسود البوهيمية، ولو اتفقنا على ذلك، ينبغي علينا إذن أن ندع الفوضى تسود، وأن نتخلى عن قيم كثيرة جداً، لا يمكن أن نصدق إلى أين يمكن أن تقودنا.

المرة الوحيدة التي ضحكت فيها وتهاونت في أمر السرقة الأدبية كانت حين شاهدت فيلم ساعي البريد. الفيلم الإيطالي الذي كان يسرق فيه ساعي البريد قصائد نيرودا، التي يرسلها إلى حبيبته مدعياً أنه كتبها مخصوصًا لها، وأعتقد أن أي شاعر سيكتشف ذلك النوع من السرقة، سيسامح سارقها، لأنه ساعد شخصاً في كسب قلب محبوبته، ولأن ذلك السارق، لم ينشر تلك القصائد في كتاب مدعياً أن ما كتبه هو من بنات أفكاره.

مرة أخرى أعود للسؤال: كيف يمكن لشخص أن ينشر كلاماً كتبه شخص آخر لينال الإعجاب والشهرة من ورائه؟ كيف يمكن أن يشعر بالامتلاء والفخر وهو يعرف أن ذلك ليس هو، أو أن القصد هو الشهرة والحصول الإعجاب حتى لو لم يكن ذلك أصيلاً أو حقيقيًا؟

لا أفهم ذلك، حاولت أن أفهم، لم أتمكن، يجب علي أن أقرأ أكثر في علم النفس كي أفهم.