تبقى جوائز الأوسكار هي الأكثر شعبية والأكثر متابعة بين كافة الجوائز الأخرى. على الرغم من أنها خاصة بالسينما الأمريكية. وجائزة واحدة للفيلم الأجنبي لكن تظل محط أنظار كل هواة السينما الذين يتابعون بشغف الترشيحات ويلاحقون الأفلام المرشحة ويضعون لأنفسهم تصورهم الخاص ورأيهم في الفيلم والممثل والمخرج الذي يستحق التتويج. هذا ما يثبت أن هوليوود برغم اعتراض الكثيرين لا تزال هي المسيطرة على سوق الأفلام في العالم.

وفي الأوسكار يظهر جلياً ما تحاول هوليوود أن تصنع من تشكيل ذائقة المشاهد، ومحاولة توجيهه إلى نوعية من الأفلام والممثلين ربما لم يكن يحبذ مشاهدتهم، ربما كان ذلك سيئًا أو جيدًا يعتمد ذلك على الطريقة التي تنظر بها للأمور.

الكثير أعجب بالفيلم الحائز على الأوسكار هذا العام، والكثير أيضًا لم يرق له الفيلم. أنا أحد هؤلاء. لكن، لا يستطيع أحد أن ينكر، أن أكاديمية السينما الأمريكية بتتويجها لهذا الفيلم ومنحه سبع جوائز من أهم جوائز الأوسكار فهي تنتصر للعرق الآسيوي الذي ظل مهمشا فترة طويلة جدًا في هوليوود. الفرق بين هذا الفيلم وفيلم براسايت الكوري الذي نال الأوسكار في 2020 هو أنه كان كورياً بالكامل بينما فيلم كل شيء في كل مكان دفعة واحدة هو فيلم من هوليوود وهذا ما صنع الفرق لدى الأمريكيين الآسيويين. والممثلة الماليزية الصينية يوه ليست أمريكية لكنها انتصرت بفوزها لكل الممثلات الآسيويات في السينما الأمريكية. والفائز بجائزة أفضل ممثل مساعد كانت لآسيوي مهاجر هو كي كوان وهي ثاني جائزة تمنح لأمريكي آسيوي بعد هينج نجور في 1985. احتاج الأمريكيون ما يقرب أربعين عامًا كي يحصل عليها آسيوي آخر.

فيلمي المفضل والذي سأنتصر له مرة أخرى في هذا المقال، حيث كتبت عنه مقالاً كاملاً بعد مشاهدته هو بانشيات انيشرن. فيلم أيرلندي ورأيته جديراً بكل الجوائز التي حاز عليها الفيلم الفائز، لكن لكل فيلم كما قلت معجبيه والذي يرونه الأحق بالجائزة، هذه دعوة مني لمشاهدته وإصدار حكمكم الخاص. الفيلم الفائز يمثل قمة الضجيج والسرعة وطريقة في الإخراج لا تناسبني، بينما الفيلم الذي أبشر به هو غاية في الرقة والعذوبة، برغم الشجن الذي يغلفه، الحوار، طريقة الأداء، التصوير، كل ما في هذا الفيلم رائع، وهذا ما يجعلني أقول مرة أخرى إن جوائز الأوسكار لها معاييرها الخاصة، كما يحصل مع كل جائزة في كل مكان وفي جميع المجالات. هذا ما يحدث في جوائز نوبل للأدب كمثل صارخ آخر.

كل أوسكار وكل محبي وهواة السينما بخير. سنبقى بقية العام نشاهد الأفلام والترشيحات ونضع قائمتنا الخاصة.