استخدم تشومسكي في مقاله في النيويورك تايمز منهج بوبر (قابلية الدحض) للبرهنة على أن الذكاء الاصطناعي الذي يدعيه برنامج المحادثة (تشات جي تي بي) ليس ذكاء. يسجل تشومسكي في المقال موقفه أمام الحماس الذي استقبلت فيه إنجازات تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي أدهشت المستخدمين في قدرتها على تنفيذ أعمال معقدة مثل كتابة مسرحية شعرية بلغة شكسبير.

قدم كارل بوبر منهجية (قابلية الدحض) التي استخدمها تشومسكي لحل مشكلة إثبات النظريات أو نفيها. فإذا قامت نظرية على افتراض لا يمكن نفيه أو إثباته، فهي نظرية غير علمية عند بوبر. كأن تقول: إن شعاع الشمس جسم صلب. كل ما عليك لإثبات أو نفي هذه المقولة هو تمرير يدك على شعاع الشمس. إذا قلت في المقابل: إن في الفضاء الخارجي أجراماً سماوية لا يمكن رؤيتها أو استشعارها، فليس من الممكن إثبات وجود الأجرام أو نفيها.

لإعطاء وسيلة لإثبات ذكاء تطبيقات (تشات جي بي تي) أو نفيه، أعطى تشومسكي شرطين بتحقيقهما يوصف التطبيق بالذكاء. الشرط الأول، أن يفسر حدثاً ما مثل سقوط تفاحة من يدك وأسباب سقوطها. الشرط الثاني، أن يفسر ما سيحدث لو زال السبب. واستطرد تشومسكي شارحاً باختصار الفرق بين الوصف والتفسير، حيث إن التفسير أوسع مجالاً وأكثر دلالة على التحليل المنطقي الذي يمكن أن يأتي بأفكار جديدة.

ما إن نشرت المقالة حتى انتشرت صورة لتطبيق الاختبار الذي وضعه تشومسكي. أخذ أحدهم شروط تشومسكي وأجرى محادثة مع تطبيق (تشات جي تي بي). إذا أمسكت تفاحة في يدي، ثم أفتح يدي. ماذا سيحدث بعد ذلك؟ ليجيب التطبيق: إذا فتحت يدك أثناء حمل التفاحة، فستسقط التفاحة بسبب قوة الجاذبية. هذا لأنه عندما تطلق التفاحة من يدك، لم تعد هناك أي قوة تصاعدية لمواجهة قوة الجاذبية الهابطة. سيؤدي التسارع بسبب الجاذبية إلى سقوط التفاحة نحو الأرض حتى تتلامس مع سطح أو جسم يوقف حركتها. هكذا يكون التطبيق قد تجاوز الاختبار الأول بنجاح.

سأله مرة أخرى: ماذا لو لم تكن هناك جاذبية؟ أجاب التطبيق: إذا لم تكن هناك جاذبية، فلن تسقط التفاحة عند فتح يدك. وذلك لأن الجاذبية هي القوة التي تتسبب في انجذاب الأجسام ذات الكتلة نحو بعضها البعض. في غياب الجاذبية، لن تكون هناك قوة تعمل على التفاحة لسحبها نحو الأرض. بهذه الإجابة اجتاز التطبيق اختبار تشومسكي الثاني بنجاح.

بالإجابة على السؤالين كما سبق، وحسب الشروط، يكون التطبيق ذكياً بالفعل. الذكاء الذي ثبت وجوده بالاختبار العملي طريف لكنه لا يغير كثيراً من فهمنا للذكاء الاصطناعي، فهو اصطناعي في نهاية الأمر. سيكون معنى الاختبار أبلغ لو وضعنا شروطاً تفرق بين ذكاء طبيعي وذكاء آخر اصطناعي، لكنا عند ذلك نصل لنتيجة أهم وأشد تأثيراً.