هناك مفاكهات رمضانية يحكيها أحياناً مَن (تقل عقله)، ويحكيها أحياناً من (خفّ عقله)، وأحياناً من كان عقله (بين بين) - مثلي أنا.
** يقال: أهدى أحد الأدباء في شهر رمضان صديقاً له نوعاً من الحلوى قد فسد مذاقها لقدمها، وبعث معها بطاقة كتب فيها: إني اخترتُ لهذه الحلوى السكر المدائني والزعفران الأصفهاني؛ فلما وصلت إلى صديقه وذاق طعمها رد عليه: أظنّ حلواك هذه صُنعت قبل أن تُفتح المدائن وتبنى أصفهان!
** هناك جماعة تبصروا هلال شهر رمضان، وفيهم أنس بن مالك وقد قارب المائة، فقال: قد رأيتُه، فقال إياس: أشر إلى موضعه؛ فجعل يشير، ولا يرونه، ونظر إياس إلى أنس، فإذا شعرة من حاجبه بيضاء قد انثنت، فصارت على عينه، فمسحها إياس وسواها، ثم قال: يا أبا حمزة أرنا موضع الهلال، فنظر فقال: ما أرى شيئاً.
عبد الملك بن مروان ورمضان:
قال عبد الملك: وُلدت في شهر رمضان، وفُطمت في شهر رمضان، وختمت القرآن في شهر رمضان، وأتتني الخلافة في شهر رمضان، وأخاف أن أموت في شهر رمضان؛ فلما دخل شوال وأمن بها مات.
** صعد أناس ليلة لمشاهدة هلال الصوم، لكنهم لم يروه، فلما هموا بالانصراف، شاهده صبي وأرشدهم إليه، فقال له أحدهم: بشّر أمك بالجوع المضني!
كما خرج أبو عيسى بن جبريل إلى متنزه ببغداد، ومعه الحسن بن هانئ (أبو نواس) في آخر شهر شعبان؛ فلما كان اليوم الذي أوفى به شهر شعبان على الثلاثين قيل له: إن هذا يوم شك وبعض أهل العلم يصومه، فقال: لا عليك، ليس الشك حجة على اليقين.
** حُكي عن طفيلي أنه كان يحضر على طبق عميد الدولة أبي منصور بن جهير في شهر رمضان ويضحك، فأمر له بشيء وحجبه عن الطبق ترفعاً عن الهزل، فتأخر أياماً ثم حضر، فلما رآه قال: ما موجب الحضور بعد ما أمرناك به؟ قال: إذا لم يستحضرني مولانا ولم أحضر أنا صارت وحشة، فضحك منه، واستمر حضوره.
** يروى أن الأصمعي قال: هجم عليّ شهر رمضان، وأنا بمكة، فخرجت إلى الطائف لأصوم بها هرباً من حر مكة، فلقيني أعرابي، فقلت له: أين تريد؟ فقال: أريد هذا البلد المبارك لأصوم هذا الشهر المبارك فيه، فقلت له: أما تخاف الحر؟ فقال: من الحر أفر.
هكذا كانوا يتفاكهون ونياتهم صافية، ولا يطلبون الأجر إلا من الله.