إن الإدراك الواعي والمستنير لماهية رؤية المملكة 2030، التي فجّرتها عبقرية ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان، ظلّت هي الوقود الذي يحرّك القطاع الصحي العام وكذلك القطاع الصحي التخصصي، والمناط به علاج الأمراض المستعصية والمعقدة والنادرة والتي أقضت مضاجع البشرية.

أعطت القيادة الحكيمة لهذين القطاعين كل الدعم والاهتمام من أجل تطويره ليواكب المستجدات العالمية ويصل إلى المكانة التي يستحقها.

فعلى سبيل المثال، كثير هي النجاحات التي تحققت وأصبحت واقعاً ملموساً بالدعم الكبير الذي يجده المستشفى التخصصي من قيادتنا الرشيدة، التي ما فتئت تمحّض هذا الصرح الطبي من عنايتها الكريمة، ودعمها الكثير، فكانت ثمرة ذلك ما نشهده من تطور وتقدم، زاد من فاعليته النهج المتطور لقيادة المستشفى في رشد مسعاها، وسعيها الدؤوب لمواكبة كل جديد في هذا المجال، وبخاصة استخدامات الذكاء الصناعي، الذي بات أحد الأنشطة الفاعلة في الصحة والطب الحديث، ولعل من مظاهر هذا الاهتمام بالتقنيات الحديثة تنظيم «التخصصي» لمؤتمر الصحة الرقمي «DHCon» بمدينة الرياض، الأسبوع الفارط، مع عدة جهات مختلفة، مثل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، ونيوم، والهيئة العامة للغذاء والدواء، ومجلس الضمان الصحي، وشركة تحكم التقنية المحدودة، وجامعة الملك فيصل وغيرها.

جاء المؤتمر تحت شعار «الذكاء الاصطناعي التطبيقي في قطاع الرعاية الصحية»، وشارك في تقديم أوراقه وبحوثه أكثر من (25) متحدثاً من كبرى المؤسسات الصحية والأكاديمية والشركات التقنية، في (15) دولة، قدموا خلاله خلاصة تجاربهم الحديثة في هذا المضمار.

سلّط المؤتمر الضوء على عدد من الموضوعات، ومن بينها رحلة الصحة الرقمية، والطب الحيوي في عصر الذكاء الاصطناعي، والقيادة في عصر الذكاء الاصطناعي، كما شملت البحوث عرضاً للعوامل الأساسية والثابتة للسلوك البشري وعلم الأعصاب، ومحاكاة وتعليم الجراحة بلا حدود، إلى جانب تقنية المعالجة الذهنية في الرعاية الصحية، والكشف المبكر، والتشخيص المعتمد على الذكاء الاصطناعي في طب القلب، إضافة إلى تعزيز أنسنة البيانات وتوسيع الذكاء، وتطوير الوثائق والسجلات الطبية.

إن البشارة بنجاح مسارات المؤتمر جاءت منذ جلسته الافتتاحية، والتي أطلق فيها الرئيس التنفيذي الدكتور ماجد الفياض، مبادرة «سباين»؛ الهادفة إلى تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي وتعزيز الشراكات في الرعاية الصحية، لتحسين نتائجها، مقروناً بتخفيض التكلفة، فضلاً عن تعزيز الابتكار في القطاع الصحي، وفتح مسارات التعاون بين الأطباء والباحثين وخبراء التقنية. كذلك لم تنطوِ صفحات المؤتمر إلا ببشارة أخرى، تمثلت في إعلان «التخصصي» عن تطويره لنظام «أنفال»، والقائم أيضاً على تقنية الذكاء الاصطناعي في ما يتصل بالتنبؤ بمدى رضا المريض، وتحليل تجربته، وربطها بتوصيات في سياق مواصلة المستشفى لتطوير البنية الرقمية وتعزيز جودة البيانات، مقروناً ذلك مع مبادرات أخرى في تطبيقات أتمتة البروتوكول العلاجي، والطب الشخصي، والعمليات الجراحية الروبوتية، ليؤكد المسار التقني الراشد الذي يسير عليه «التخصصي» ويضعه في مقدمات المستشفيات ومراكز البحث العالمية المواكبة لحركة التطور العالمي المهول في هذا المجال.

إن مخرجات هذا المؤتمر تُكون إضافة مهمة للمؤسسات الطبية عامة والمتخصصة والمرجعية وغيرها في رحلتهم للتطوير وإنزال رؤية المملكة على أرض الواقع، مكللة بالنجاح في مجال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي على النحو الذي يسهم في تقديم رعاية صحية عالية المستوى والمحتوى للمريض.

وهو عين ما ترمي إليه الرؤية المباركة والهادفة إلى تحسين جودة الحياة، وتحقيق الرفاهية للمواطن وتيسير سبل عيشه في بيئة صحية معافاة وسليمة.

ولعل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الطب ستكون كثيرة، مما يعطي الأمل لعلاج الكثير من الأمراض المستعصية ومكافحة الشيخوخة والعجز والقضاء على خلايا الزومبي.

فتوحات القيادة المتوثبة تضع الإنسان في مقدمة اهتمامها بتحسين جودة حياته، وإشراكه في منظومة الحياة المتطورة عبر توسيع دائرة التعامل مع الذكاء الاصطناعي، والتقنية الحديثة، بوصفها أساسيات وضرورة المواكبة في عالم المستقبل القريب وعلى إيقاع رؤية محمد الخير أصبح مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث من بين المستشفيات الأبرز عالمياً في تقديم الرعاية الصحية التخصصية، وصُنِّفَ مؤخراً في المركز الـ20 في قائمة أفضل مؤسسات الرعاية الصحية في العالم للعام 2023، والأول على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا، وذلك بحسب تصنيف براند فاينانس، والقادم أجمل بإذن الله.