تحرص دولة الإمارات، منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على إقامة علاقات وطيدة مع دول العالم كافة، سواء أكانت تلك الدول دول جوار، أو من دول تربطها بالإمارات علاقات دبلوماسية فقط، أو شراكة في مؤسسات المجتمع الدولي.
ومع صعود دولة الإمارات الاقتصادي والسياسي، بدأت الإمارات تؤدي دوراً محورياً في منطقة الشرق الأوسط، وأضحت علاقاتها مع معظم دول العالم، خاصة الدول الكبرى، تزداد رسوخاً، ما جعل دولاً عدة، خاصة الآسيوية، تحرص على توطيد علاقاتها بدولة الإمارات العربية المتحدة، وليس أدل على ذلك من حفاوة الاستقبال الذي قوبلت به زيارة سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، إلى دولة ماليزيا، أثناء زيارته الأسبوع الماضي، ما يعكس أهمية العلاقات الإماراتية الماليزية؛ فالإمارات وماليزيا استطاعتا أن تؤسسا علاقات فريدة من نوعها بينهما، وقدمتا المثل الإيجابي لما يجب أن تكون عليه العلاقات الأخوية.


لا شك في أن زيارة سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد لماليزيا تعد امتداداً لسياسة الإمارات القائمة على مد يد المحبة والتعاون للأشقاء. هذه السياسة أثمرت دائماً عن إيجابية، فدولة الإمارات بقيادتها الرشيدة المحبة للسلام، تضع ثقلها دائماً في التعامل الجيد والعمل الإيجابي البنّاء مع الجميع. وتكسب هذه الزيارة لماليزيا أهمية كبيرة، سرعان ما تأتي بمردودها في توطيد العلاقات في مختلف المجالات. ولعل حجر الزاوية في هذه العلاقات هو التبادل التجاري بين البلدين والصلات الاقتصادية.

وزيارة سموّه إلى ماليزيا تعد امتداداً لسياسة الحيوية والشباب التي سنها صاحب السموّ رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله؛ وذلك بعد نجاحه في كافة الأعمال والمهام التي أوكلت إليه، وقدرته على النهوض بالمسؤوليات الجسيمة التي يتطلبها هذا المنصب. إن سموّ الشيخ خالد، تلك القيادة الشابة، يحمل في طيات هذه الزيارة منجزات الوطن منذ تأسيسه على يد الأجداد، ليكمل الأحفاد المسيرة الممتدة في ثيابها الجديدة، بقيادة جيل جديد قادر على إبراز المستوى النهضوي الذي تعيشه الدولة، وتعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

وقد حمل سموّ ولي عهد أبوظبي تحيات ملك ماليزيا إلى صاحب السموّ رئيس الدولة، حفظه الله، وتمنياته لدولة الإمارات وشعبها كلّ تقدم وازدهار. وتم، خلال الاجتماع، الاتفاق على إطلاق كرسي الشيخ زايد الذي تم اعتماده بالشراكة مع معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية الماليزي، ويهدف إلى العمل على سد الفجوة بين الدراسات المتعلقة بمنطقتي غرب آسيا وجنوب شرق آسيا، ليكون بمنزلة آلية أكاديمية، تسهم في تطوير السياسات، وتقديم التوصيات العلمية للجهات ذات الصلة وصنّاع القرار ومنظمات المجتمع المدني، وشريحة الشباب في المنطقتين. كما اتفق الجانبان على تخصيص كرسي سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك في جامعة الدفاع الوطنية الماليزية؛ بهدف الإسهام في تمكين النساء والفتيات في مجال السلام والأمن، وبعثات حفظ السلام في الأمم المتحدة، بما يعزز من الشراكة القائمة بين الإمارات وماليزيا.

كما وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة ماليزيا، خلال تلك الزيارة، اتفاق إعلان نوايا مشترك بشأن إطلاق محادثات، للتوصل إلى اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بينهما. وتعد ماليزيا أحد أهم الشركاء التجاريين لدولة الإمارات من الدول الآسيوية غير العربية؛ حيث تستحوذ على ما نسبته 2% من تجارة الإمارات غير النفطية مع آسيا غير العربية، ودولة الإمارات هي الشريك التجاري السابع عشر عالمياً، والثاني عربياً لماليزيا، وفقاً لبيانات التجارة الخارجية العام الماضي؛ حيث تستحوذ على ما نسبته 32% من تجارة ماليزيا مع الدول العربية، كما تعد الدولة الوجهة الأولى للصادرات الماليزية السلعية إلى الدول العربية، مستأثرة بنسبة 40% من صادرات ماليزيا إلى الدول العربية.

وقد بلغت قيمة الاستثمارات الماليزية في الإمارات 150 مليون دولار، تتوزع على قطاعات: الصناعة والبناء والتشييد والأنشطة العقارية وأنشطة التجارة والنقل والتخزين والأنشطة المالية والتأمين والأنشطة المهنية والتقنية. فيما تبلغ الاستثمارات الإماراتية في ماليزيا أكثر من 220 مليون دولار، منها أكثر من 51 مليون دولار في قطاع الصناعة.

حفظ الله دولتنا الإمارات، دولة ترنو إلى المستقبل، بعزم القيادة، وإرادة الشباب، وعمق الرؤية