الاعتزاز بالنفس له أهمية قصوى وحقيقية، والنفس إما تحبها وتعتز بها أو تخاف منها وتأخذك بعيداً في عالم المجهول ومن الطبيعي أن الاعتزاز بالنفس هو إحساس الإنسان بقيمته وما هي الدرجة التي يحب بها نفسه والتقدير والمشاعر والأحاسيس لما يتميز بها عن الآخرين بحيث لا تتعدى وتتحول إلى نفس مغرورة كفانا الله الغرور.

الإنسان الذي يعتز بنفسه عليه ألا يستكثر عليها فالحزن والفرح وحتى الرغبة بالبكاء ومختلف المشاعر هي نعمة كبيرة من الله -سبحانه وتعالى- ولا ينبغي على المرء كبتها بل إخراجها. الاعتزاز بالنفس لا تطلب من الآخرين فهي تأتي تلقائياً مع مرور الأيام ومع العلاقات الاجتماعية وفي كل مكان تتواجد فيه، والثقة بالنفس هي قمة الاعتزاز والتقدير وإذا لم تكن سعيداً داخلياً لن تكون سعيد خارجياً.

الإنسان ربما يحمل الرقم واحد وربما اثنين وربما عشرة وربما مئة وربما لا رقم له. مكان تواجد الإنسان يحدد كمْ رقم جلوسه بين الآخرين، حين يجلس مع أمه فهو الرقم اثنين، وحين يكون مع أبيه فهو الرقم اثنين، وحين يكون مع أولاده فهو الرقم واحد، وحين يكون مع زوجته إما الرقم واحد أو اثنين، وحين يكون مع إخوته فرقمه حسب أعمار الآخرين. مكان جلوس الإنسان حسب رقمه وهو من يحدد مكان جلوسه وإن خاب توقعه عليه أن ينسحب بهدوء فلا عزة للنفس حين لا تقدر.

إتيكيت الجلوس له أهمية قصوى في المحافل وعلى مائدة الطعام وفي قاعات الاجتماعات أما في حفل الزوجات غالباً تضيع الطاسة أليس كذلك. للأسف في بعض الأحيان تختلط الأرقام ويختلط معها مكان الجلوس فيقدم الإنسان المرموق على اختلاف المسميات على الإنسان الذي يستحق أن يجلس في المقعد الذي يحمل هذا الرقم, أليس هذا أمراً مطبقاً في بعض الأحيان وفي بعض مجالسنا الاجتماعية.

غياب التربية في كثير من بيوتنا ومدارسنا غاب معها مفهوم احترام الصغير للكبير وتلخبطت الأرقام وربما تبعثرت وذهبت في مهب الريح، هذا الغياب في بعض الأحيان يحدث من سوء تربية الأم، نعم الأم فهي المربية الأولى وليس الأب. (السيرة الحسنة كشجرة الزيتون، لا تنمو سريعاً، ولكنها تعيش طويلاً) - وليم شكسبير. يحز في نفسي ونفوس من يعتز بنفسه حين يتسابق الأطفال وصغار السن ليأخذوا أرقام غيرهم في الجلوس من الكبار الذين يلوذون بالصمت عادة خوفاً من كسر خواطرهم إنها التربية ورسالة الأم التي غابت في كثير من الأحيان. أفرح كثيراً حين تصر بعض الأمهات على حفر أرقام آبائهم وأجدادهم وجداتهم في عقول أبنائهم وبناتهم إنها المدرسة إنها الأم (الأم مدرسة إذا أعددتها... أعددت شعباً طيب الأعراق) الشاعر حافظ إبراهيم.

همسة: جميل أن يعرف الإنسان رقم مقعده في تفاصيل الحياة والأجمل أن يعتز بنفسه ويعطيها الثقة.