في مدينة بيرلنغتون في ولاية فيرمونت الأميركية، الولاية التي تنتخب عضو الكونغرس الديموقراطي بيرني ساندرز أو "العم بيرني" بما يشبه عرفاً انتخابياً، في هذه الولاية التي تعتبر دفعها العم التقدمي "بيرني" ليمثلها في الكونغرس أحد معالمها السياسية، أطلق عنصري أبيض في الثامنة والأربعين أربع رصاصات من مسدس غير مرخص من عيار 38 على ثلاثة طلاب جامعيين فلسطينيين. الشبان الثلاثة هم: هشام عورتاني من جامعة براون في رود آيلند، وكنان عبد الحميد من جامعة هافر فورد في بنسلفانيا، وتحسين أحمد من جامعة ترينتي في ولاية كونيتيكت. وهم من متخرّجي مدرسة "الفرندز" في رام الله التابعة لجماعة "الكويكرز"، المدرسة التي احتفلت في عام 2019 بالذكرى الـ150 لتأسيسها في قلب مدينة رام الله، قرن ونصف، أي ما يساوي ضعف عمر إسرائيل، والتي تشكل معلماً من معالم البلدة القديمة ويمتد حرمها حتى مدينة البيرة الجارة الحميمة لرام الله.


في تفاصيل الخبر أشارت شرطة بيرلنغتون إلى أن اثنين من الطلاب أصيبا بطلقات نارية في الجذع، بينما أصيب الثالث في نصفه السفلي. وأضافت أن اثنين منهما في حالة مستقرة، بينما تعرض الثالث هشام عورتاني لإصابات أكثر خطورة.
إليزابيث برايس والدة هشام الأميركية، قالت في مقابلة مع إحدى المحطات الأميركية: "لدى هشام ما يسمونه إصابة غير كاملة في العمود الفقري، أنا مؤمنة بابني، وأعتقد أنه سيكون قادراً على المشي مرة أخرى (...) أنا ممتنة أن الرصاصة لم تقتله، لا يمكنك إرجاع طفل من الموت".

عائلات الطلاب الثلاثة أصدرت بياناً مشتركاً دعت فيه السلطات إلى التحقيق في إطلاق النار باعتباره جريمة كراهية، وهو ما دعت إليه أيضاً اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز.
البيت الأبيض أعلن عن إصابة الرئيس بايدن بالفزع.


كان لدى المشتبه به في إطلاق النار على الطلاب الفلسطينيين الثلاثة جيسون جيه. ايتون، أو أياً كان اسمه، فهو هنا نموذج لشريحة واسعة من العنصريين المسلحين الذين يتجولون في شوارع الولايات المتحدة مدججين بالكراهية والجهل والبنادق، أربعة أهداف لرصاصاته الأربع، ثلاث كوفيات يضعها الشبان على أكتافهم ولغتهم العربية التي يتحدثون بها.

جيسون جيه.ايتون لم يكن وحده من فعل ذلك، كان على نحو حاسم جزءاً من عملية تجنيد طويلة وواسعة، ببساطة كان ينفذ أفكاراً تطارده وتتراكم في وعيه أثناء محاولته فهم ما الذي يحدث هناك في الشرق الأوسط، حيث حصل اليهود على "مكان آمن" بحماية الولايات المتحدة، الأفكار التي تصله من كل زاوية يمكنه أن يستنبط منها إرشادات أقرب إلى التعليمات، مثل شيفرة مدروسة، ليس لديه أسئلة حول أي شيء، التصريحات والبيانات والتقارير التي تحيط به تمنحه إجابات تبدو كافية، يصغي إلى الرئيس وهو يتحدث عن متوحشين يحرقون الأطفال اليهود ويقطعون رؤوسهم ويغتصبون النساء، الرئيس بنفسه هو الذي يقول ذلك وليس أي شخص آخر، ويشاهد في لقطات مؤثرة تبثها محطة "فوكس نيوز" صورة لكتلة محترقة لطفل يهودي وصلت باليد من مكتب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، سيتبين في ما بعد أنها صورة لكلب منزلي عولجت بالذكاء الاصطناعي، ولكن جيسون لا ينتبه، ليس لديه الوقت أو الرغبة، لأن الرئيس يواصل كلامه، والرئيس مصدر لا يمكن التشكيك به، وهو الآن يقول إن الفلسطينيين يكذبون ولا يموتون بذلك القدر الذي يعلنون عنه، وإنهم لا يموتون بالقدر الكافي، وفي الخلفية منسق العلاقات الخارجية في البيت الأبيض جون كيربي، وهو شخص مهم آخر، يبكي، كيربي هذا شخص عاطفي كما قد يلاحظ جيسون، فقد أجهش بالبكاء أيضاً على الضحايا الأوكرانيين الذين يقتلهم بوتين، وستصله أصوات ثلاثة من المرشحين الجمهوريين في مناظرة وهم يتنافسون في الدعوة إلى القضاء على الإرهابيين، سيتأثر بالثقة التي يتحدثون بها حول ضرورة أن يواصل نتنياهو قتل الإرهابيين والقضاء عليهم، وسيسمعهم مثل جوقة تواصل تكرار اللازمة: اقتلهم أكثر، ويمكنه هنا تمييز صوت نيكي هيلي داخل الجوقة ونبرتها المصطنعة والمضاعفة والمتحمسة، في الوقت نفسه.

يتنقل جيسون بين مصادره التي تحيط به وتضغط عليه؛ شاشات الأخبار في البار القريب الذي يقصده عادة، حيث يمكن الحصول على كأس جعة باردة تحت عين شاشة ضخمة لا تتلقى سوى بث "الفوكس نيوز"، والمذيعين والمذيعات الذين ينتظرونه في الصالة عندما يعود إلى البيت، خطابات الرئيس وهو رجل مسن لديه مأساة أسرية ويذهب إلى الكنيسة صباح كل أحد.. الجميع، المذيعات والمذيعون ومقدمو البرامج الإخبارية والمراسلون ومدير مطعم ماكدونالد القريب وكيربي الباكي وأعضاء الكونغرس وبلينكن اليهودي الحزين، وبومبيو الذي يجلس في البيت في انتظار عودة ترامب، والمرشحون للرئاسة وهم جميعاً وآخررون لا يراهم يدفعونه من كتفيه ليفعل شيئاً: "عليك أن تفعل شيئاً يا جيسون جيه.ايتون الأبيض".