منذ بدء العمل برؤية المملكة 2030 والبرامج المجتمعية أخذت تتطور بصورة تخدم بكفاءة الفئات الأقل دخلا في المجتمع التي قد تواجه صعوبات في أن تتكيف مع التحديات في الاقتصاد العالمي، والسياسة العامة للدعم في السابق، وقبل العمل بالرؤية كان الدعم يميل إلى الشمولية بحيث يصل إلى شريحة كبيرة من المواطنين من الفئات الأقل حاجة وغير المحتاج في الأصل والأكثر حاجة، وهذا التوجه كان له أثره الإيجابي في الفترة في بدايات الطفرات الاقتصادية التي شهدتها المملكة، وحينئذ كان معظم أفراد المجتمع والأسر بصورة عامة تعيش ظروفا متقاربة، ومع التحولات الاقتصادية التي تطورت في المملكة وتباين الظروف الاقتصادية للأسر أصبح من الأهمية بمكان العمل على نظام اجتماعي يركز بالدرجة الأولى على الاحتياج، وهذا لا يعني بالضرورة الانحياز إلى فئة في المجتمع دون الأخرى، ولكن التركيز على نوع الاحتياج وتركيز الدعم على ما يعظم المنفعة للمجتمع، فرجل الأعمال احتياجاته وطرق دعمه من خلال التمويل مثلا أو بعض الامتيازات أو الأفضلية في المناقصات الحكومية ودعم بعض أسعار المدخلات في الإنتاج لديه تختلف عن الفئات الأقل دخلا في المجتمع التي يركز الدعم فيها على تأثير رفع الدعم أو تخفيفه عن بعض المنتجات والتضخم في الأسعار والعوامل المتعددة التي تجعل تكلفة المعيشة عليه مرتفعة أو توفير خيارات لاحتياجاته بتكلفة تتناسب مع قدراته المالية إضافة إلى الدعم فيما يتعلق بتملك السكن، إضافة إلى الاحتياجات الأساسية مثل التعليم والعلاج، التي توفر بشكل مجاني.
بلغت التقديرات المتوقعة للمنافع الاجتماعية للميزانية في 2023 ما يزيد على 184 مليار ريال توزعت على برامج متنوعة مثل حساب المواطن والضمان الاجتماعي وبرامج دعم الطلاب سواء من خلال برامج الابتعاث خارج المملكة أو من خلال مكافآت الطلاب داخل المملكة، إضافة إلى دعم تثبيت سعر الوقود وتحمل الدولة الضريبة الخاصة بالمسكن الأول فيما يتعلق بضريبة التصرفات العقارية إلى حد سعر مليون ريال للوحدة العقارية، إضافة إلى ضريبة القيمة المضافة الخاصة بالتعليم والعلاج، كما شمل هذا الدعم ذوي الاحتياجات الخاصة من أبناء المجتمع وإعانات المشاريع الزراعية والغذائية.
تنوع هذا الدعم بالصورة والكيفية التي تقدمها الميزانية عزز من تحقيق الدعم لأفضل كفاءة لتحقيق الهدف منها، وبالتالي خفف بشكل واضح من التكلفة العالية على الميزانية ومكن من تقديم دعم مناسب للفئات الأكثر حاجة للدعم.
ما زالت برامج الدعم الحكومية جزءا رئيسا من ميزانية 2024، إذ يظهر أن هذه البنود التي يذهب لها الدعم ستكون مستمرة مع وجود تفاوت في حجم ما ينفق على كل بند باعتبار المتغيرات التي يمكن أن تطرأ على طبيعة الاحتياج، كما أن هناك مشاريع مستمرة في برامج لتعزيز كفاءة الإنفاق وتسهيل وصول المحتاجين إلى الخدمات التي تقدمها الدولة خصوصا فيما يتعلق بالقطاع الصحي الذي يتوقع أن يتحول بصورة أو أخرى إلى تأمين شامل للمواطن بحيث يحقق له سهولة الوصول إلى الخدمات الصحية كما أن المشروع الخاص بتوحيد الملف الصحي للمواطن سيخفف من التكلفة التي يتطلبها توفير المعلومات الخاصة بالمراجع التي تتطلب من كل جهة أن توفر هذه المعلومات باعتبار أنه ليس لديها معلومات كافية عن المراجع لتوفير الخدمات اللازمة له.
دعم التعليم بمختلف المراحل الدراسية أصبح في مرحلة تحول كبيرة، حيث سيتم تخصيص هذا القطاع سواء فيما يتعلق بالتعليم العام أو الجامعي وبدأت المؤسسات التعليم تتهيأ لهذا التحول، وهذا قد يعزز كفاءة التعليم وكفاءة النفقات التي يمكن أن تحقق تقدما في مستوى المادة العلمية والتجربة المعرفية التي يمكن أن يحصل عليها الطالب في مقابل قيمة أعلى لما ينفق في هذا القطاع الذي يعول عليه كثيرا في تحقيق تحول باتجاه تنوع مصادر الدخل وتوسيع قاعدة الاقتصاد في المملكة وبناء جيل من الشباب بكفاءة عالية وقدرة على المشاركة في هذا التحول الاقتصادي الذي تشهده المملكة.
الخلاصة، أن ميزانية المملكة لعام 2023 شهدت دعما كبيرا للمنافع الاجتماعية تتميز هذه البرامج بتنوعها وتركيزها على الاحتياج الأكبر للمواطنين وسد فجوة كبيرة فيما يتعلق بالاحتياجات الأساسية مثل السكن والتعليم والصحة، كما شهدت الميزانية برامج إضافية كان لها أثر في زيادة حجم الدعم بنسبة 28 في المائة في الربع الثالث لعام 2023 مقارنة بـ2022.
التعليقات