نجحت بورصة الهند في تحديها لبورصة «هونغ كونغ»، مسجلةً رقماً قياسياً بلغ 3.98 تريليون دولار بنهاية نوفمبر الماضي، وفق بيانات الاتحاد العالمي للبورصات. ووصل مؤشر «نيفي 50» الهندي إلى مستوى قياسي آخر، إذ قفز بنسبة 16% متجهاً لتحقيق مكاسب للعام الثامن على التوالي.
وفي المقابل، انخفض مؤشر«هانغ سينغ» القياسي في بورصة «هونغ كونغ» بنسبة 18% منذ بداية العام الحالي.
وبذلك أصبحت البورصة الهندية سابع أكبر سوق عالمي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ووفق توقعات وزير المالية الهندي بهاجوات كاراد، ستحقق الهند هدف العجز المالي البالغ 5.9% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2023-2024التي تنتهي في مارس المقبل، وذلك استناداً إلى العجز المالي المحقق خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة المالية والبالغ 96.86 مليار دولار. واللافت أن الاقتصاد الهندي ينمو بأسرع وتيرة بين الاقتصادات الكبرى، حيث زاد الناتج المحلي الإجمالي البالغ نحو 3.39 تريليون دولار بنسبة 7.8% خلال الربع الثاني من العام الحالي، على أساس سنوي. وتوقع بنك الاحتياطي الهندي نمواً بنسبة 6.5% خلال السنة المالية 2023-2024. وهذا الرقم قريب من 5.9% الذي توقعه صندوق النقد الدولي.
وتعد الهند من أكبر البلدان الجاذبة للاستثمار. وقد سجلت رقماً قياسياً بلغ 85 مليار دولار، وهو قيمة تدفق الاستثمارات الأجنبية خلال السنة المالية 2021-2022، بزيادة 60% عن السنة السابقة التي سجلت 51 مليار دولار. ووفق تقرير للبنك الدولي، استطاعت الهند أن تخفض من حدة الفقر بنسبة 50%، وأن ترفع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي من 1500 دولار عام 2013 إلى 2380 دولاراً عام 2022. لكن رغم هذا التحسن، فثمة تحدٍ كبير يواجه الهند يتمثل في سوء التغذية لدى نسبة كبيرة من السكان، وبخاصة الأطفال الذين تصل نسبة التقزم بين من هم دون 5 سنوات إلى 35.5%، مما يعزز من أهمية قضية «عدالة توزيع الثروة»، فضلاً عن تحدي استمرار تحقيق معدلات نمو مرتفعة. وتعد الهند حالياً خامس أكبر اقتصاد في العالم. وتشير التوقعات الاقتصادية للنمو العالمي إلى أنها ستتفوق على ألمانيا في عام 2025، وعلى اليابان في عام 2027، لتصبح ثالث أكبر اقتصاد بعد الولايات المتحدة والصين. ويبدو أنها لن تتمكن من التفوق على أي من هاتين الدولتين، رغم أنها أصبحت أكبر دولة في العالم بعدد سكانها البالغ 1.428 مليار نسمة متجاوزةً عددَ سكان الصين بنحو 300 ألف نسمة.
لكن حجم الاقتصاد الصيني لا يزال يعادل خمس مرات الاقتصاد الهندي، الذي هو بحاجة إلى سلسلة إصلاحات مالية واجتماعية. أما توقع إمكانية تفوقه، فذلك يرتكز على ثلاثة عوامل أساسية: أولاً، عندما لم تعد الصين المنتج الفاعل كالسابق، مع ارتفاع تكلفة الإنتاج. وليس هناك ما يمنع تكرار التجربة الصينية في الهند، التي تتمتع بمزايا بشرية كبرى، وعلى الاقتصاد الهندي أن يعطي نتائج أفضل، وذلك بفضل الحجم السكاني وعدد الجامعات والديمقراطية الناضجة.. مستفيداً من توتر تجاري قائم بين الصين والغرب.
ثانياً، تطور الأوضاع السياسية العالمية، وهي لصالح الهند التي تحسنت علاقاتها كثيراً مع المجموعة الأوروبية، وهو ما سيعزز التبادل التجاري والمالي بينهما، علماً بأن الصين تستفيد حالياً بنسبة 16% من التجارة الأوروبية الخارجية، مقابل 2% فقط للهند.
ثالثاً، يمكن للهند أن تستفيد أكثر من علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، والمدعومة بشرياً، ليس فقط بالتجارة التي يبلغ حجمها أكثر من 111 مليار دولار سنوياً، وإنما في الاستثمارات أيضاً. ولذا مطلوب من الحكومة الهندية أن تفتح اقتصادَها أكثر فأكثر.
*كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية
- آخر تحديث :
التعليقات