تبدأ محكمة العدل الدولية غدا نظر الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، واتهامه بارتكاب جرائم تصفية عرقية ضد الفلسطينيين وارتكاب مجازر في غزة.

وأصدرت المحكمة بيانا أكدت فيه أنها تبدأ جلسات استماع علنية في لاهاي بشأن الدعوى القضائية، وسيتحدث ممثلو جنوب أفريقيا في جلسة المحكمة غدا 11 يناير، وفي اليوم التالي تستمع للجانب الإسرائيلي، في وقت أعلنت فيه وزارة الصحة الفلسطينية ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 23210 شهداء و59167 إصابة منذ 7 أكتوبر الماضي، ووجود آلاف تحت الأنقاض بما يضاعف من عدد الضحايا ويؤكد استمرار التصفية والإبادة من قبل قوات الاحتلال.

جنوب أفريقيا قدمت تقريرا من 84 صفحة، يوضح أن «حرب إسرائيل على غزة تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948»، والتي تعرفها على أنها «أفعال ترتكب بقصد التدمير، كليا أو جزئيا، لمجموعة قومية أو إثنية أو وطنية أو دينية»، وتؤكد جنوب أفريقيا أن تصرفات إسرائيل في غزة «تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها تهدف إلى تدمير جزء كبير» من السكان الفلسطينيين في القطاع.

ويعد مثول الدولة العبرية أمام المحكمة سابقة وتسعى إلى «ممارسة ضغط دولى على المحكمة»، بهدف منع صدور قرار من المحكمة بوقف العدوان، وقال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، إن المشاركة تهدف لرفض التماس جنوب أفريقيا ودحض الاتهام الموجه إليها والذي وصفه بالسخيف.

وبالرغم من أن قضية جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي لا يتوقع أن تنتهي إلى نتائج كبيرة، فإنها سابقة تفتح الباب لمزيد من القضايا بجانب توثيق للجرائم التي يرتكبها الاحتلال، كما أنها تفضح بشكل حاد الازدواجية الغربية، وتواطؤ الدول الكبرى، فقد سبق ودعمت دول أوروبا محاكمات جرائم الحرب في البوسنة وكوسوفو، وغيرها، وتفرط منظمات رسمية وحقوقية في إصدار تقارير عن انتهاكات، وهي تقارير مسيسة، لكن نفس المنظمات تصمت في مواجهة جرائم حرب وإبادة مؤكدة.

قدمت المملكة المتحدة، اتهامات في شهر نوفمبر الماضي وحججا قانونية مفصلة إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، لدعم اتهام ميانمار بارتكاب إبادة جماعية ضد الروهينجا، بينما ترفض المملكة المتحدة دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.

وتقول المملكة المتحدة، في تقريرها بشأن ميانمار، إن هناك عتبة أدنى لتحديد الإبادة الجماعية إذا تم إلحاق الضرر بالأطفال بدلا من البالغين. وقال التقرير إن الإجراءات الأخرى التي يمكن تعريفها على أنها إبادة جماعية، إذا كانت منهجية، تشمل التهجير القسري من المنازل، والحرمان من الخدمات الطبية وعدم توفر المواد الغذائية، وهي نفس الجرائم التي يتم اتهام الاحتلال الإسرائيلي بها في غزة، سواء قتل الأطفال أو التصفية العرقية والتهجير ومنع وصول المساعدات، وفي حين تولى المملكة المتحدة أهمية للالتزام باتفاقية الإبادة الجماعية، وإظهار أنها تتبنى تعريفا واسعا لأعمال الإبادة الجماعية، يشمل النية لارتكاب الإبادة الجماعية والأخذ في الاعتبار المخاطر التي تهدد الحياة بعد وقف إطلاق النار بسبب الإعاقة وعدم القدرة على الإقامة في منازلهم والظلم على نطاق أوسع، وقد تم قتل ما يقرب من 10 آلاف طفل ورضيع في غزة، وفقا لهيئة الصحة في القطاع، أى نحو 40 % من الوفيات، بجانب تصريحات وسلوكيات تدفع الفلسطينيين إلى التهجير القسري.

الشاهد أنه مثلما تفضح الحرب على غزة ازدواجية وسقوط الغرب، فإن المحاكمة أمام محكمة العدل الدولية، تؤكد حقيقة السقوط الأخلاقي للدول الكبرى بشكل لا يمكن تجاهله.