لطف الله بأهل الكويت حين كشفت الأجهزة الأمنية والدفاعية مشكورة عن قيام أطراف إرهابية بأعمال عنف وإرهاب للمواطنين وبعض المجالس والمقار بالدولة، وقد نجحت الأجهزة الأمنية والدفاعية بالقيام بذلك بفضل الله، ومن ثم بدعم من عدد الدول الصديقة التي تعاونت مع الأجهزة الأمنية والدفاعية بالكويت لكشف النوايا الإرهابية لمجموعات خارجة عن الدين والقانون، ولذلك نشكر كل من بذل جهداً لحفظ الكويت وأهلها.

من الصعوبة بمكان تحديد الأطراف الإرهابية التي تسعى لزعزعة استقرار وأمن دولة الكويت أو دول الخليج العربي، فالواقع الإقليمي والدولي يؤكد بأن منطقة الشرق الأوسط منطقة ملتهبة وذات مخاطر عالية، نظراً لتنامي صور النزاعات القائمة في أكثر من دولة، فإقليمنا العربي تعيش دوله وشعوبه في ظل آلام عدد من الحروب والأزمات السياسية والعسكرية، كما تقاد عدد من الدول العربية في ظل حالة من الحكم الانفرادي وغياب الديموقراطية والحريات العامة، وهو الأمر الذي يجعل هذا الإقليم بؤرة من الصراع وعدم الاستقرار.

إن حالة عدم الاستقرار وانعدام الأمن، وغياب الديموقراطية والحريات العامة، وضعف تعامل الدول العربية مع المخاطر الإقليمية والدولية ساهمت في بروز عدد من المجموعات التي اتخذت من العنف والإرهاب شعاراً لها لتحقيق أهدافها، فبعضهم قادته أفكاره للعنف للقيام بأعمال إرهابية مخالفة للشرع وللقانون والمواثيق الإنسانية، وآخرون من تلك المجموعات المتطرفة يعدون أكثر خطورة وضرراً، حيث توجههم دول ومنظمات دولية وإقليمية تسعى لتحقيق أهداف خاصة، وغالبا تكون سلبية على حساب الدول المستهدفة كدولة الكويت أو دول مجلس التعاون.

ان الأحوال الإقليمية والدولية تجعل واجبا على دولة الكويت تحديدا، ومن ثم دول الخليج العربي الى تشكيل تحالف أمني دفاعي مشترك أكثر جدية وصلابة من الوضع القائم أو السابق، وحتى لا نبالغ ونطالب بما هو فوق المستطاع، فالكويت مطالبة بوضع رؤية إستراتيجية للأمن الداخلي والخارجي، رؤية تتضمن تشكيل تحالفات أمنية ودفاعية بالغة الذكاء، رؤية تستفيد من تجارب الغير الناجحة في حفظ الأمن والاستقرار، رؤية تتضمن قراءة واستعدادا مبكرين لسيناريوهات المخاطر الإقليمية والدولية المستقبلية، وحفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.

أقواهم.. مدير مكتب المسؤول؟!

لو قمنا بعمل استبيان بشأن اختيار الشخصية الأقوى في أي وزارة أو أي جهة حكومية، لكشفت نتائج الاستبيان في غالب الأحيان بأن الشخص المسمى مدير مكتب الوزير، أو مدير مكتب الشخصية القيادية يعد من الشخصيات الأكثر تأثيراً في أي جهة حكومية، بل أحياناً يفوق تأثيره عدداً من القياديين الآخرين في الجهة الحكومية ذاتها!

مدير مكتب المسؤول أو القيادي شخصية رئيسية في أي جهة حكومية، فهو واجهة الوزير أو القيادي، وهو مطلع على أسرار القيادي الذي يعمل معه، وهو من ينظم لقاءات واجتماعات القيادي أو المسؤول، فيسمح لمن يشاء، ويمنع من يشاء، ولو كان ذلك دون علم أو دراية من المسؤول ذاته، تلك الشخصية -مدير مكتب المسؤول- هي التي يتواصل معها معظم من في الجهة الحكومية، سعيا لكسبها ونيل رضاها، فهي من ينقل للمسؤول حسن أو ضعف أداء من في الوزارة، وذلك وفقا لما تراه، والمأساة تكون أكبر عندما يتقمص مدير مكتب المسؤول شخصية المسؤول أو القيادي بسبب ضعف المسؤول ونقص خبراته الإدارية والسياسية، أو بسبب تنازل المسؤول عن علم أو جهل عن أدواره ليمارسها مدير مكتبه، ولقد شهدنا من واقع عضويتنا السابقة في البرلمان وتعاملنا مع مديرين لعدد من الوزراء والقياديين يقومون بالتفاوض باسم الوزير أو القيادي حين قيام الاستجوابات أو صور الرقابة البرلمانية الأخرى، وقد أدى ضعف بعض القياديين أو عدم كفاءتهم أو قلة أمانة البعض الآخر منهم، أو سوء اختياراتهم الى تعيين عناصر ضعيفة أو غير أمينة لتولي مهام دعم الوزير أو القيادي أو المسؤول، ومن هؤلاء وظيفة ومهمة القائم بأعمال مدير مكتب المسؤول، وحتماً ساهم ذلك في فشل العديد من القياديين والمسؤولين، وساهم أيضاً في تراجع سمعتهم وقبولهم الرسمي والبرلماني والشعبي.

إذا كنا في السابق، وما زلنا، ننادي ونطالب بضرورة تطوير وإصلاح شروط وضوابط اختيار القياديين في الدولة ونعتبر ذلك مدخلاً رئيساً للإصلاح، فإنه أصبح لازماً أن يصاحب تلك الخطوة وضع قواعد وشروط لمن يتولى المناصب الداعمة لأدوار القياديين والمسؤولين في الدولة، قواعد وشروط وضوابط تكفل توفر الكفاءة والأمانه والأهلية اللازمة للقيام بأهم وأقوى دور في الجهة المسؤولة والقيادية، قواعد تقرب المسؤول من اختيار الشخص المفيد والمؤهل كصاحب المسك، ويبتعد عن اختيار الضعيف وغير الأمين كصاحب الكير!، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثَلُ الجليسِ الصالحِ ومثلُ جليسِ السوءِ كحاملِ المسكِ ونافخِ الكيرِ، فحاملُ المسكِ إما أن تبتاعَ منه، وإما أن تجدَ منه ريحًا طيبةً، ونافخُ الكيرِ إما أن يحرِقَ ثيابَك، وإما أن تجدَ منه ريحًا خبيثةً».