عندما غنى فريد الأطرش: يا بو ضحكة جنان، كان الخطاب موجهاً لفتاة تمتلك مواصفات جمال تلك الفترة، قبل أن تهل علينا الفضائيات وتغير مقاييس الجمال، وتسكن الحسرات في نفوس بعض منا على تلك المواصفات التي (اندبينا) فيها لزمن طويل، وبعد انطلاق هذه الأغنية ظهرت أغانٍ مماثلة تمجّد الضحك، ودارت معارك حول الضحك أهمها ظهور مدرسة أدبية نادت بالضحك للضحك.

وحين كان ينطلق صوت فريد الأطرش بأغنية (يا بو ضحكة جنان) كنا نتصور أنها دعوة للضحك من كل شيء وعلى أي شيء، وعلى كل ما يحدث وما سيحدث؛ ولأن الضحك سمة من سمات خفيفي الظل، ولكي لا يقال إننا نمتلك ثقالة دم (طينة) فتحنا أشداقنا لتسيل ضحكاتنا، وهبلنا أيضاً لمجرد أن نوصف بالظرفاء.

والذي ساعد على انتشار وبقاء دعوة مدرسة الضحك للضحك هو رغبتنا في الخروج من المآزق النفسية والهروب من الواقع، وتحويل هذا الواقع إلى صورة كاريكاتورية كل منا يجاهد من أجل رسمها وفق خصوبة مخيلته، والفقير في هذا الجانب يستعير الصور التي ينسجها أقرانه أو أجهزة البث المتعددة، وأصبح الأهم في حياتنا استنتاج صورة جديدة يمكن لها أن تضحك أكبر عدد فينا.

ولأنه ليس هناك ما يدعو لأن تقطّب حاجبيك أو تكشّر عن نابيك حتى وإن فعلت وظل وجهك (مزموماً) عابساً أبد الدهر فلن تغير شيئاً من حولك؛ لذلك أولى لك أن تشارك الجميع هذا الضحك، وإذ لم تستطع أن تضحك بصورة تلقائية أنصحك باستقدام عامل آسيوي؛ لكي يقوم بدغدغة كرشك التي لا تصل إليها يداك، ويكون هذا المستقدم مرافقك في حفلاتك العامة، والخاصة وبين نخبة أصدقائك، وإذا كنت لا تحبذ أحداً يلامس جلدك الشفيف خشية من الأمراض القادمة والرابضة، فعليك أن تصحب أحد متفكهي هذا العصر ليروي لك آخر ما وصلت إليه النكتة، ويوصل لمسامعك النكات الطازجة، أو المخبأة في كتب التراث، بشرط أن يكون على اطلاع، أو تسأل عن أكثر الكتب ظرافة، المستطرف في كل فن مستظرف، أو أخبار الحمقى والمغفلين.. المهم أن تكون (فاكاً شدقيك).

(طيب أش أبغى أقول أنا)..عفواً لقد نسيت، فقد كنت أستمع لنكتة ووصية ترن في مسامعى:

اضحكها كمان وكمان.