وإذ تقترب نهاية الانتخابات التمهيدية لمرشحي الرئاسة الأميركية، مع حسم معركة التسمية لدى المعسكر الجمهوري بخاصة، خلال "الثلاثاء الكبير"، تتحول الأنظار مجدداً إلى المعركة الكبرى بين الحزبين لحسمها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ومن حيث يبدو، فالاتجاه الانتخابي يتمحور حول اسمين: دونالد ترمب للجمهوريين، وجو بايدن للديمقراطيين. لذا، فالسؤال هو حول مسيرة الانتخابات الرئاسية للأشهر الثمانية الآتية على ضوء ما حصل في انتخابات 2016 و2020. هل البلاد متوجهة إلى أزمة سياسية انتخابية جديدة في 2024؟ أم أن المؤسسات الدستورية ستستوعب أي أزمة جديدة؟ فالاهتمام بمصير الانتخابات الرئاسية ليس فقط أميركياً، بل هو دولي وشرق أوسطي وعربي، لما لنتائجها من تأثير في الأوضاع في العالم وعلى المواجهات القائمة. لذا، فما سيصيب الانتخابات الرئاسية وما ستصنعه للعالم هو ليس حاجة أميركية فقط، بل عالمية. فما يمكن استشرافه الآن استناداً إلى السنوات الثماني الماضية؟

الأزمات الماضية
مما لا شك فيه أن موسم انتخابات 2016 و2020 في أميركا قد شهد تحولات كثيرة وغير اعتيادية داخل القوة العظمى، ومن بينها ما يلي في تلخيص شديد:

1- إعلان ترمب بأنه سيفكك الدولة العميقة ويغير سياسة أميركا التي غيرها سلفه باراك أوباما في 2009.

2- إطلاق أجهزة أوباما حملة ضد ترمب في 2016، وبعد ذلك ضد إدارته في 2017.

3- انتفاضة بيروقراطية ضده في 2017.

4- إطلاق تظاهرات عنيفة لـ"أنتيفا" وBLM (حياة السود مهمة) في صيف 2020 عبر البلاد، وصولاً إلى محاصرة البيت الأبيض.

5- خلاف مدمر بين المعسكرين حول تنفيذ الانتخابات عبر الاقتراع بواسطة بطاقات عبر البريد.

6- رفض ترمب الاعتراف بفوز بايدن وأحدث الكونغرس في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.

7- حملة قضائية لإدارة بايدن ضد ترمب بعد خروجه من البيت الأبيض.

8- قرار المحكمة العليا بالسماح لترمب أن يترشح.

9- تجديد ترمب تهديده لما يسميه الدولة العميقة "بفكفكتها".

الأزمات المحتملة
بناء فقط على وقائع حصلت، كما أشرنا في النقاط أعلاه، وعلى أحداث وقعت ما بين 2016 وحتى هذا العام، من قرارات تنفيذية وبيروقراطية ومحاكمات ومواجهات إعلامية شرسة، شغلت العالم لعقد تقريباً، نستعرض احتمالات حصولها من جديد من قبل المعسكرين. بالطبع احتمال إعادة حصولها نظري، لكن معادلات السنوات الماضية لم تختف بكاملها، بل لا تزال قائمة، واحتمالات السيناريوهات الأسوأ قائمة كما هي الاحتمالات الأفضل، فالتاريخ الأميركي الحديث علمنا أن "كل شيء ممكن في هذا البلد الجبار". هذه سلة صغيرة من السيناريوهات:

1- تقوم وزارة العدل أو المحاكم بإدانة ترمب وتحكم عليه بالسجن. سيناريو كان أكثر احتمالاً في السنوات الماضية وخف احتماله، لا سيما بعد قرار المحكمة العليا في قرار محكمة كولورادو المفصلي، وإن حصل فقد يفجر الأوضاع داخلياً ويؤدي إلى شلل البلاد.

2- يحدث خلل أمني كبير من النوع الإرهابي أم اغتيال أو محاولة اغتيال، بغض النظر عمن يستهدف من الطرفين، ما ينشر الاضطراب خلال العملية الانتخابية.

3- إزاء الاستطلاعات واحتمال انتصار ترمب، يقوم اليسار المتطرف، بمن فيه "الووك" والراديكاليون بتفجير تظاهرات صاخبة ومهرجانات وسيطرة على مبان، ليمنع العملية الانتخابية، مما قد ينشر الفوضى والفراغ.

4- تجري الانتخابات وينتصر بايدن على رغم الاستطلاعات التي توقعت انتصاراً حاسماً لترمب، فتقوم قيامة اليمين واليمين المتطرف وينشرون معارضة ميدانية في الشارع الأميركي.

5- ينتصر ترمب، فترفض البيروقراطية التسليم، وتتدخل المحكمة العليا لتطلب من الإداريين أن يسلموا فريق ترمب السلطة.

6- أو السيناريو المتفائل الوحيد في هذه اللائحة، أي انتصار أي من المرشحين، وقبول الطرفين النتيجة، والانتقال إلى تسلم وتسليم بحال النصر للمعارضة، أو استمرار الإدارة بالحكم.

طبعاً السيناريوهات متعددة ومختلفة، ولكن 2024 لن تكون سهلة، حتى ولو أصبح السيناريو رقم ستة هو السائد.

سنرى.