اذا لم يتم الاتفاق على هدنة بحلول شهر رمضان الذي يحل يوم الاثنين المقبل، ستستمر معركة خان يونس، وتبدأ معركة رفح. ومع بدء معركة رفح المعتبرة المربع الأخير لحركة "حماس" والفصائل الفلسطينية المقاتلة في قطاع غزة، ستصبح المواجهات اكثر حدة ودموية، لاسيما انه لا يوجد للفصائل أي مكان آخر للانسحاب اليه بعد رفح. وبالتالي ستواجه حركة "حماس" والفصائل احد خيارين اما تسوية ميدانية تخرج بموجبها من القطاع او خطر القتال حتى النهاية.
اذا ستكون معركة كبيرة جدا، ومعها يتوقع ان تشتعل جبهات "المساندة" التي فتحها محور"الممانعة" بقيادة ايران. واهم الجبهات على الاطلاق هي جبهة لبنان قبل اليمن والعراق، كون الجبهة اللبنانية اذا ما فتحت بقوة سيكون لها اثر مباشر على معركة رفح حيث قد تواجه حركة "حماس" والفصائل المقاتلة الأخرى خطرا وجوديا.
هذه هي تقديرات مصادر ديبلوماسية غربية في لبنان. فبقاء جبهة لبنان التي يدير عملياتها "حزب الله" وفق قرار حرب "المشاغلة" المحدودة عند مستوى المواجهة الحالية سيكون مستحيلا، اذا ما قررت طهران المجازفة بمحاولة انقاذ ما يمكن إنقاذه في غزة. وبالتالي سيكون لبنان معرضا للانزلاق الى حرب واسعة بين "حزب الله" وإسرائيل، قد تخرج عن السيطرة في أماكن عدة.
وقد أتت التحذيرات الغربية الأخيرة التي وردت الى المستوى السياسي اللبناني لتعزز المخاوف من انعكاسات دراماتيكية على لبنان في حال لم يتم انجاز اتفاق هدنة في غزة في اقرب وقت. ولن يبقى مصدر الخوف التهور الإسرائيلي، وسعيه لتوسيع الحرب، بل انقلاب حسابات محور "الممانعة" بقيادة ايران التي لا تريد ان ترى حركتي "حماس" و "الجهاد الإسلامي" تواجهان خطر الشطب عسكريا، وذلك نظرا لأهمية ورقة "حماس" و "الجهاد الإسلامي" على مستوى المشروع الإيراني الإقليمي الذي يتخذ من القضية الفلسطينية جسر عبور الى قلب المنطقة العربية. ومن هنا تعززت في الآونة الأخيرة مخاوف العديد من العواصم الغربية حيال ما يمكن ان تقدم عليه طهران من مجازفة امنية – عسكرية في جبهات قريبة من إسرائيل، أولها لبنان ثم الجنوب السوري المحاذي لهضبة الجولان المحتل. ولكن جبهة لبنان تبقى الأكثر أهمية، على الرغم من ان طهران معنية أساسا بالمحافظة على "حزب الله" لأهداف أخرى اكثر أهمية كتشكيل درع متقدم للنظام الإيراني في حال تعرضه للخطر. ومعلوم ان "حزب الله" كان ولا يزال من بين الفصائل الإيرانية في المنطقة الفصيل الأكثر ارتباطا بتركيبة النظام الإيراني العسكرية- الأمنية – السياسية والروحية. ومن الصعب جدا ان تستسهل طهران المجازفة بمصير "حزب الله". وهي تعرف تماما ان توريط "حزب الله" في حرب واسعة مع إسرائيل هذه المرة قد يدمر الفصيل المذكور كون الحرب الواسعة في الظرف الحالي بعد عملية "طوفان الأقصى" ستشهد مواجهة بين فصيل قوي، وقوة إقليمية كبرى جريحة، ومستعدة لخوض حرب بلا سقوف لأنها تعتبرها حربا وجودية لا سياسية.
خلاصة القول ان الهدنة في غزة ضرورية للبنان، لأنه سينتهي به الامر بأن يكون طعما لقرار إسرائيلي وآخر إيراني بخوض حرب مدمرة على ارضه و بأهله.
التعليقات