‫* ‬انتهت قبل يومين تحقيقات وزارة الثقافة الألمانية فيما حدث على منصّة توزيع جوائز الدورة الأخيرة في 26 من الشهر الماضي عندما أعرب العديد من الفائزين والموجودين فوق منصّة المهرجان (بمن فيهم أعضاء من لجنة التحكيم) عن تضامنهم مع الفلسطينيين.

‫* ‬التحقيق شمل مراجعة مع مديري المهرجان الألماني ومسؤولين آخرين وتوصل إلى قرار يقف مع الحربة الفنية وحرية الرأي وضد تحويل الحفل إلى مناسبة لمعاداة السامية وللإسلاموفوبيا وغير من مظاهر العداء والعنصرية.

‫* ‬هذا جيد ولا غبار عليه، ولو أنه مثل من يريد الإمساك بطرفي نقيض في آنٍ واحد. المقارنة بين ما حدث هناك وما حدث على منصّة الأوسكار قبل أيام قليلة توضح تعاملاً مختلفاً حيال ما لم يعد من الممكن احتواءه من مواقف مؤيدة لحق الفلسطينيين في الحياة فوق أرضهم ضد العنف والاعتداء والقتل الذي تمارسه إسرائيل.

‫* ‬كما حدث في الحفل البرليني وقف عدد من الفائزين بأوسكاراتهم، مع بعض مقدّمي الفقرات، للإعراب عن تأييدهم لفلسطين. الفارق هو أن أكاديمية العلوم والفنون السينمائية موزعة الأوسكار لم تسارع لإعلان معارضتها أو لاحتواء ذلك الموقف حتى لا يغضب منها اللوبي اليهودي. هذا على عكس ما حدث في برلين، حيث يحاول المسؤولون احتواء ما حدث ورسم منهج من نوع «هذا مسموح به وهذا ممنوع».

‫* كانت الممثلة البريطانية ڤانيسا رديغريف سابقة لأوانها عندما أعلنت تأييدها لفلسطين في حفل أوسكار سنة 1978 حين فازت بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في «جوليا». الفارق مذهل بين رد الفعل الغاضب الذي ووجهت به في لحظتها وامتداداً لسنوات عدة لاحقاً وبين تصفيق الحاضرين للأصوات التي أعربت عن وقوفها مع الفلسطينيين في حفل الأوسكار الأخير.‬

* كل هذا يعني شيئاً واحداً هو أنه لم يعد من الممكن للإعلام واللوبيات الإسرائيلية احتواء المواقف المعبّرة عن معاداة ما تقوم به على الأرض لا أوروبياً ولا أميركياً. وأن تهمة معاداة السامية لم تعد تنطلي على أحد بعدما اتضحت المواقف التي تتذرع بهذه التهمة للتستر على ما يدور.

‫* ‬طبعاً الصامتون والمتضامنون مع الموقف الإسرائيلي أكبر حجماً، لكن هذه حرب فاضحة تقوم بها إسرائيل بحيث هدمت العديد من المقوّمات السابقة التي كانت تتذرع بها لشن حروبها.

‫* ‬الحرب الحالية لن تدوم إلى الأبد، لكن خسارة إسرائيل على الجبهة الإعلامية هي أكبر مما توقعته وستستمر تبعاته طويلاً.